الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثقافة والتنمية بين التحدي والاستجابة

29 يونيو 2005

خالد عزب:
'الثقافة والتنمية: التحدي والاستجابة' هو عنوان باكورة أعمال سلسلة الإصدارات الخاصة والتي تصدرها مكتبة الإسكندرية، وقد أعده الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة، وحمل تصدير من السيدة الفاضلة سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية ورئيس أمناء مكتبة الإسكندرية، وجاء في تصديرها للكتاب تأكيد على العرفان للجهود الدولية المتلاحقة للتأكيد على هوية كل مجتمع وخصوصياته، مشيرة في ذلك إلى المعرض الذي أقامه البنك الدولي حول الحفاظ على المناطق الأثرية بالدول النامية من الاندثار والذي لا يعد معرضاً لمجموعة رائعة من الصور أو استعراضاً لمشروعات مؤسسات دولية فحسب بل عدته السيدة سوزان مبارك بداية لغرس قيم ثقافية تربط بين النمو الاقتصادي المستديم والحفاظ على التراث والبيئة·
استهل الدكتور سراج الدين كتابه بكلمة عن الهوية الثقافية في عالم متغير ذكر فيها العولمة كمفهوم لإحدى التحولات العالمية وكيف أدت العولمة في بعض الأحيان إلى الشعور بفقدان الهوية المحلية الأمر الذي أدى إلى زيادة الهوة بين الدول وفي داخلها، مما يجعلنا نطرح العديد من الأسئلة التي تبحث عن الذات لتقودنا إلى محاولة فهم طبيعة العلاقة المعقدة والمتشابكة بين الثقافة والتنمية·
عاصمة مصر القديمة
يبدأ أول جزء من موضوع 'الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية' بتقديم للحياة العلمية في مكتبة الإسكندرية القديمة، حيث كانت ثروات الكتب الموجودة بمكتبة الإسكندرية أداة لا غنى عنها في أيدي العلماء، لأنها جمعت الخبرات الفكرية لكل من اليونان والشرق الأدنى القديم· وفي حديثه عن الإسكندرية كعاصمة قديمة لمصر؛ جاءت سطور الكتاب لتؤكد على أن الإسكندرية كانت أعظم مؤسسات الإسكندر بلا منازع حيث قدر لها أن تكون مدينة مستقلة وعاصمة جديدة لمصر وميناء ومركز تجارة جديد ومركزاً للعلم والمعرفة، وجاء في الكتاب وصف للإسكندرية على لسان سترابون الذي زار مدينة الإسكندرية وعاش فيها قرابة الخمس سنوات (25-20 قبل الميلاد) 'من بين مزايا المدينة بل وأهمها هو كونها المدينة الوحيدة في مصر التي تتمتع بموقع تجاري طبيعي من ناحية البحر حيث الموانئ المتميزة ومن ناحية البر حيث ينقل النهر بسهولة منها واليها كل شيء لتفرد موقعها وباعتبارها اكبر مركز تجاري في كل المعمورة'·
كما تعرض الكتاب أيضاً للآثار الغارقة وما أسفرت عنه نتائج البحث من اكتشاف بعض الآثار المعمارية والنحتية لأجزاء من الفنار القديم وأجزاء من القصور الملكية، وإنقاذ بعض الأعمال الفنية ومن بينها تمثال ايزيس بالإضافة إلى بعض النقوش والحلي·
جاء وصف مدينة الإسكندرية في الكتاب ليعبر عن مدينة متكاملة بحق حيث ذكر الدكتور سراج في فصل 'الإسكندرية اليوم' معالم الإسكندرية كمدينة تاريخية عريقة وكميناء متميز لموقعها المثالي في ملتقى الطرق بين الشرق الأوسط وأوروبا، بالإضافة إلى ذكره لعدد من الأبنية التي تجمل شاطئ الإسكندرية -الذي لم يسلم هو الآخر من التجديد والتحديث- مثل جامع المرسي أبو العباس الذي تم تشييده عام 1775 كمعلم سياحي تاريخي، وأيضاً كوبري الإسكندرية المشيد حديثاً كمعلم سياحي جديد، وأخيراً ضرب الدكتور سراج الدين بمسرح محمد علي أحد المراكز الثقافية والفنية القديمة بالمدينة والذي تم تحديثه وتطويره أيضاً خلال عام ·2004
تحديات التنمية
في الفصل الثاني بدأ الدكتور إسماعيل سراج الدين بالتحديات التي تواجه التنمية فتعرض لموضوع التراث المهدد، مشيراً لموضوع العولمة وفقدان الهوية في معترك ما يسمى بالثقافة المعاصرة· حيث يذكر أن العولمة بما لها من قوة ضاغطة في كافة المجالات تتسبب في حدوث انهيارات اجتماعية، حيث تؤدي إلى تماثل المعايير الأمر الذي يطمس الصفات المميزة للأفراد ويهدد سمة التفرد في مختلف أرجاء العالم· ويؤكد الدكتور سراج خلال صفحات الكتاب أن من الممكن الاستفادة من العولمة دون التأثر بالجانب السلبي منها من خلال السعي للتقدم دون المساس بالتراث·
وتحت عنوان 'الاستجابة: الرؤية والتجارب المتنوعة' يعرض الدكتور سراج الدين لكيفية الاستمرار في الحفاظ على التراث الثقافي وتجديده وذلك عبر تسجيل التراث والطقوس الآخذة في الاندثار وحفظ كل صور التميز التاريخي والفني، بالإضافة إلى احترام الخواص الثقافية في زمن العولمة وأيضاً تشجيع التنوع وخلق مساحة للحوار مع الأقليات والمعارضة وفي ذات الوقت دعم الترابط الاجتماعي·
وتطرق الدكتور سراج الدين خلال صفحات الكتاب للشراكات والائتلافات التي قامت من اجل الحفاظ على التراث مثل: اليونسكو، ومعهد جيتي للحفاظ على التراث، المجلس الأوروبي، مؤسسة الأغاخان للثقافة، وغيرها من المؤسسات الدولية المعنية بموضوع التراث وفيما يلي عرضاً مختصراً للتعريف بهذه المنظمات:
؟ منظمة اليونسكو
تضطلع منظمة اليونسكو بحماية التراث الثقافي والحفاظ عليه ودعمه، ولها خبرة كبيرة تصل إلى 50 عاماً في تنفيذ مشروعات لحماية التراث الثقافي حول العالم بالتعاون مع القطاعين العام والخاص· ولليونسكو عدداً من المشروعات القائمة في هذا المجال تشمل 27 حملة دولية للحفاظ على التراث· وتعمل منظمة اليونسكو في هذا المجال أيضاً على تعبئة الموارد البشرية والفنية والمالية من خلال، تدريب الأخصائيين الفنيين المحليين، ونشر الوعي العام وتشجيع المشاركة في جهود الحفاظ على التراث·
؟ البنك الدولي
ينشط دوره في ثلاث مجالات وهي تحليل المفاهيم، تنفيذ المشروعات، والجهود المشتركة· ويعني تحليل المفاهيم؛ تحليل مفهوم إسهام الثقافة في التمكين من خلال ربط جدوى الاستثمار الاقتصادي بالمجالات الثقافية، وإدراك القيمة الجوهرية لوجود الثقافة، أما تنفيذ المشروعات فيعني الدعم المالي والفني عن طريق التحالف مع بعض الجهات الأخرى وذلك من أجل حماية التراث الثقافي الطبيعي والمستحدث ودعم الثقافة المحلية والمشاركة المدنية للحد من الفقر، وأخيراً تأتي الجهود المشتركة بالبنك الدولي لتعبر عن شبكات قوية وفعالة لتوحيد كافة الجهود المبذولة وتعظيم الاستفادة منها·
؟ المجلس الأوروبي
يعد التراث الثقافي مجالاً أساسيا ومهماً بالنسبة لأنشطة المجلس كما تعد محوراً من محاور التنمية المستديمة التي يدعمها المجلس الأوروبي من اجل إنعاش وحماية البيئة في أوروبا· عمل المجلس في أكثر من 55 مشروعاً للحفاظ على التراث في 25 دولة أوروبية بمشاركة أكثر من 320 خبيراً حيث بدأ تنفيذ المشروعات منذ عام 1998 في كل من ألبانيا، وبيلاروس، وكرواتيا، والبوسنة والهرسك، ومالطا، والبرتغال، والاتحاد السوفيتي، وسلوفانيا·
؟ مؤسسة الأغاخان للثقافة
من اجل التأكيد على أهمية وضرورة دعم البيئة المبنية في العالم الإسلامي وتحسين مستوى المعيشة ودعم الفهم لقيم المجتمع ولزيادة فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل قامت مؤسسة الأغاخان بوضع برامج لدعم المجالات التالية؛ التميز في مجال العمارة المعاصرة والمجالات المتصلة بها، تقوية ودعم التعليم في مجالات العمارة والتخطيط والحفاظ على التراث، تبادل الأفكار عالمياً لدعم الوعي بالترابط الوثيق بين الثقافة والبيئة المبنية في تاريخ وثقافة الحضارات والمجتمعات الإسلامية المعاصرة·
؟ الصندوق العالمي لحماية الآثار
تعود فكرة إنشاءه إلى الوعي بأهمية حماية الآثار من الدمار الذي حل ببعض الكنوز الفنية في العديد من مناطق العالم، وقد ساهم الصندوق حتى الآن في أكثر من 165 مشروعاً ضخماً في 52 دولة· ويهدف الصندوق إلى دعم قدرة المنظمة الفريدة على تحديد مواقع التراث الثقافي الواقعة تحت الخطر وتوفير الدعم الفني والمالي للحفاظ عليها، وقد بلغ إجمالي المنح التي وفرها الصندوق العالمي لحماية الآثار أكثر من خمسة ملايين دولار أميركي لإنقاذ 71 موقعاً تراثياً في 43 دولة·
وفي هذا الفصل يذكر الدكتور سراج قائمة التراث العالمي والتي تضم حتى الآن 552 منطقة حول العالم تتمتع كلها بحماية الميثاق الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) (والمعروف بالميثاق العالمي للتراث بوصفه وسيلة لحماية التراث الطبيعي والثقافي) حيث تبذل على أساس هذا الميثاق جهوداً مضنية لحماية تلك المناطق من التآكل والتلوث والاندثار، حيث يهددها أخطار التلوث والزحف الحضري والتآكل الطبيعي·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©