الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقنعة مزخرفة

27 يونيو 2005

كانت تطير بحرية·· تجوب العالم بحثاً عما يمتع سمعها وبصرها وأنفها·· تخاطر بحياتها لتعيش مغامرة لن يجود الزمان بمثلها لأي أحد كان·· فهي بطبعها جسورة·· مشاكسة·· غامضة·· محبة للجميع·· تخفي طنين أجنحتها بنغماتها العذبة التي تطلقها من لسانها·· لتخدر الجميع بعسلها بدل قرصتها الموجعة التي لا تظهر إلا لمن يخونها أو يستغفلها·
طال بحثها عن زهرة جديدة لتعيش معها قصتها·· ثم بعد مرة من البحث وجدتها بقربها دون أن تنتبه·· كانت دائماً تنظر للبعيد·· ربما لشعورها ان الصعب أحلى·· وان ما في المستقبل أجمل·· وان الحصول على ما فيه أمر أفضل·· فلم تنتبه في خضم بحثها عن تلك الزهرة الجميلة الا بآخر المطاف·· عندما حركت النسمات الخفيفة أوراقها المنتعشة بأشعة الشمس المتساقطة عليها·
رأتها·· فأرادتها لها·· ثم حاولت التقرب منها شيئاً فشيئاً حتى نالت رضاها واستحسانها بوجودها على أرضها·· استغربت في البداية من سهولة خضوع الأخرى لها·· لكنها فسرتها أو أرجعتها لقوة تأثيرها الساحر وطيب معشرها الذي يشهد له الكثيرون·
ومنذ ذلك الحين عاشا لحظات جميلة وصل صداها لكل من في البستان·· فكان الكل يمر من أمامها ويضربان الأمثال·· بل يشيران الى وجودهما لكل من ضل المسير والمكان ولكل من تدحرجت دمعة على خده وانغمست بالأحزان·· حتى يكون له الدافع لاقتناص السعادة من جديد في هذا الزمان·
كانت صديقتنا تشعر براحة كبيرة وهي تلامس تلك الوريقات الوردية التي تضمها بحنان وتستمتع بالرحيق اللذيذ الذي لم تشهد لوجوده مثيلاً من قبل·· لكن لحظات السعادة كما يقال لا تدوم سريعاً·· فسرعان ما اكتشفت ان ذلك الرحيق الذي أعجبها هو سم زعاف أحرق جوفها وان الحنان الذي لمسته وشهدته ما هو الا سياط طبعت بقسوة على جسدها·· وان السعادة التي عاشتها ما هي الا تخدير كامل أذهب بعقلها·
وعندما حاولت التخلص من وضعها والنفاذ بجلدها اكتشفت ان العالم المحيط بها لا يختلف عما عاشته بتلك الزهرة·· فالكل أصبح يمتص ما ليس له·· والكل ارتدى القناع المزخرف لايقاع فريسته وتمسك بالطيب لممارسة فنونه عليه·· لذلك آثرت الرحيل الى عالم آخر لا يوجد به أمثال هؤلاء·· عالم مظلم لكنه منير بالحق والصدق والشفافية والإيمان·
؟ فلاش:
إنما الدنيا فناء·· ليس للدنيا ثبوت
إنما الدنيا كبحر·· يحتوي سمكاً وحوت
أفراح جاسم
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©