في الساعة العاشرة من صباح أمس الخميس كان سوق الأوراق المالية في أبوظبي أشبه بخلية نحل بل كان شارع حمدان على غير عادته في هذا اليوم مكتظاً بالسيارات، مئات الرجال من مختلف المراحل العمرية وعشرات النساء تتسمر عيونهم بشاشة التداول للأسهم، ووسط هؤلاء بعض الوسطاء المغمورين الذين يسوقون أسهم بعض الشركات·
في مشهد الأمس قرأت عدداً من الملاحظات منها: النقطة الأولى وهي ما سقناه في مقال سابق من أن الأسهم لحست عقول البعض إذ لا بأس في أن يهتم الناس بتجارة الأسهم ولكن بشرط توافر الوعي، وهذا ما نشك في وجوده لدى شريحة كبيرة من عشاق الأسهم الجدد، النقطة الثانية وهي أن مقر سوق الأوراق المالية بحالته الراهنة لم يعد مناسباً خاصة في ضوء وجود الزحام الشديد الذي باتت تعاني منه المنطقة المحيطة بالسوق، والتي هي في الأصل تشكو الزحام قبل بدء نشاط السوق، واليوم أصبح الدخول بسيارة لهذه المنطقة معاناة كبيرة·
النقطة الثالثة التي لفتت نظري أمس هي نوعية المتعاملين في السوق، وهؤلاء معظمهم من الباحثين عن الثروة الحلم، موظفون وموظفات لا يتجاوز الدخل الشهري لكل منهم 13 ألف درهم، بعض هؤلاء لا يعرف شيئاً عن الأسهم، ولا يدرك من حركة التداول الا تلك المعلومات التي يسوقها الربع في المجلس ليلاً·
النقطة الرابعة وهي ترتبط بمحاكاة الآخرين وهي تشبه تماماً تلك الحالة التي كانت سائدة قبل سنوات في المزارع عندما ارتفعت أسعار بعض المحاصيل، وتبارى أصحاب المزارع في زراعة محابس أكثر من هذا المحصول في العام التالي، ومع زيادة المعروض انخفض السعر وضربت الخسائر البعض دون هوادة·
النقطة الخامسة هي دخول نوعية متعطشة للثروة إلى هذا السوق وهؤلاء يلعبون في السوق من اللحم الحي فمنهم من رهن بيته ومنهم من باع سيارته، ومن أخذت تحويشة العمر وسلمتها لزوجها للاستثمار في الأسهم·
النقطة السادسة ترتبط بدور الوسطاء وهو دور لا يمكن للعين البصيرة أن تخطئة، وللأسف فإن سوق الوساطة المالية في الدولة تؤثر عليه فئة قليلة من الوسطاء وبعضهم أقارب بعض والباقي ليس في حاجة إلى توضيح·
النقطة السابعة وترتبط بثقافة الحكي فهذا يحكي قصة معلم باع سيارته واستثمر ثمنها في تداول الأسهم وانه خلال شهرين تجاوزت أرباحه 300 ألف درهم، ولا أحد يتحقق من مصداقية القصة·
النقطة الثامنة ترتبط بقوة التأثير الذي يمارسه الصغار على الكبار فالطالب الجامعي يؤثر على والدته ويقنعها بسحب الوديعة البنكية والاستثمار في الأسهم، وهذا يقنع أباه ببيع البناية واللعب في السهم وهكذا فإن معظم اللاعبين في هذا الميدان لا يدركون أصول وقواعد اللعبة، والله يستر·