السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

سوريا ولبنــان·· حالــة ترقب ومصـير غير معلـوم

29 مارس 2005
عواصم - الاتحاد - خاص:
الملف اللبناني في يد القرار ،1559 والسعوديون نصحوا، وبقوة، بالانسحاب، فيما كانت أوساط ديبلوماسية في أكثر من بلد عربي تقول أنه إذا لم يتم التطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن، فسيكون اللجوء الأوتوماتيكي إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يقول باستخدام القوة··
ويحاول البعض تبرير التريث وربما الانسحاب الجزئي، لكن نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد أبلغ مراجع لبنانية أنه لا مجال البتة إلا للانسحاب الكامل· وإذا أكد أن لبنان غير مقبل على عدم الاستقرار، وهذه رسالة واضحة، حذر من أي محاولة للمس بهذا الاستقرار·
هل كان يفترض بالسوريين أن يغادروا لبنان منذ أن وطأ الأميركيون أرض العراق؟
يقول لنا ديبلوماسي أوروبي ان هذا الذي كان يفترض أن يحدث فعلاً، فقد كان واضحاً، منذ البداية أن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش تبغي فرض حالة جديدة في الشرق الأوسط تستدعي تغييرا في المفاهيم الجيوبوليتيكية، كما في المعادلات، والتوازنات، والرؤى وحتى الهواجس··
وفي رأيه، إن السوريين الذين استشعروا ان ما جرى في العراق، جارهم عبر التاريخ (بل عبر المستقبل)، وليس فقط عبر الجغرافيا، إنما يفتح الباب أمام مخاطر عظمى، لم يقدموا على أي خطوة يستشف منها أنهم استوعبوا بدقة الاحتمالات التي بدأت تدق على الحائط السوري، فلا مجال البتة للعب التكتيكي، لا في الهامش اللبناني الذي ضاق كثيراً، ولا في الهامش العراقي المعقد إلى الحد الذي تحترق فيه كل الأصابع، وربما ما هو أكثر من الأصابع، ولا في الهامش الفلسطيني الذي يفترض ان تتوقف فيه عملية تخريب الزمن · وهذا التعبير استخدمه وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول ، وقبله بطريقة أخرى جيمس بيكر · ففي قضية يتداخل فيها اللاهوتي مع التاريخي، والايديولوجي مع الاستراتيجي، والكراهية مع الخوف، واليأس مع مزيد من اليأس، لابد أن تترك للزمن مهمة حل أجزاء، وربما أجزاء أساسية من الأزمة، فالزمن وحده كفيل ببناء مناخ سيكولوجي يساعد على تفكيك المشكلات الأكثر تعقيدا··
المستنقع لأهل المستنقع
الديبلوماسي الأوروبي لاحظ أن الذي حدث كان مغايرا تماما لما يفترض ان يحدث، وهنا ننقل كلامه لا أكثر ولا أقل، فلربما يساعد ذلك على إضاءة الصور: السوريون استضافوا بعضا من بقايا النظام العراقي السابق، وهؤلاء لم يطلبوا الملجأ فحسب، وإنما استحدثوا غرف عمليات امتدت إلى بيروت من أجل إرسال العناصر إلى مناطق معينة في العراق، كما أنهم احتضنوا التنظيمات الفلسطينية الأكثر تطرفا لتدمير أي خطوة ديبلوماسية تتحقق على الأرض (هذا إذا صدقنا ان رجلاً مثل ارييل شارون يمكن أن يمشي في اتجاه السلام)، وبالاضافة إلى ذلك، مازالوا يصرون على استبقاء حزب الله في جنوب لبنان لتفجير الخط الأزرق في أي لحظة، فيما الجبهة بينهم وبين الدولة العبرية تنعم بالهودء منذ أكثر من ثلاثة عقود··
قال أيضا ان السوريين تصرفوا كما لو أنهم يتعاطون، هذه المرة أو هذه المرات، أيضاً، مع إسرائيل وليس مع أميركا التي هي اخترعت المعادلات في المنطقة وهي التي ترعاها أو تفجرها، وإن كان يشير إلى ان هناك في دمشق مَن يعتقد أن الاميركيين سيُهزمون في العراق، وهذا هو الممنوع حتى ولو تطلب الأمر ما يتطلب، لابل ان هؤلاء يؤكدون أنهم سيغادرون الأراضي العراقية خلال العام 2005 لأنهم اكتشفوا ان الخيار الأفضل هو ترك المستنقع لأهل المستنقع ·
هذا الرهان ليس واقعيا، بل ليس منطقيا أيضاً· صحيح أن الأميركيين فوجئوا بالاشكاليات المذهبية والاتنية التي تحكم الفسيفساء العراقية، لكنهم يدركون انهم لم يبعثوا بجنودهم من أجل رحلة ربيعية على ضفاف دجلة، فلديهم مشروعهم الكبير (وسواء أخذ اسم الشرق الأوسط الكبير أم أي اسم آخر)، وهم يبتغون تنفيذه في اطار خطتهم الخاصة بالادارة الكاملة للقرن الحادي والعشرين على الأقل·
ولا ريب أن أخطاء كثيرة حكمت العلاقات بين لبنان وسوريا، إنهما بلدان شقيقان فعلا· أشياء كثيرة تتداخل بين الشبعين اللذين قال الرئيس الراحل حافظ الأسد انهما شعب واحد في بلدين· ولكن ألم يسبق لـ هنري كيسنجر وسأل: مَن قال ان اللبنانيين شعب واحد ، والدليل هو الميثاق الوطني الذي هو عبارة عن حالة تعاقدية بين فريقين· البعض يصف الميثاق الذي أطلقه أول رئيس حكومة في عهد الاستقلال (1943) رياض الصلح بأنه عبارة عن تسوية تم تحديثها، بعد ليلة دموية طويلة، في الطائف العام ،1989 ويبدو أن وثيقة الطائف باتت، هي نفسها، بحاجة إلى ميثاق جديد·
كل فريق يرى أسباب الحرب وظروفها وما آلت إليه من زاويته الخاصة· هذه صفحة وتطوى، ولكن ماذا بعد الطائف الذي تُرجم دستوريا في العام 1990 لتبدأ معه الجمهورية الثانية؟
الديبلوماسي الأوروبي لا يغفل أبدا الدور السوري في إعادة بناء الدولة اللبنانية، في اطار تفاهم دولي وعربي رعته الولايات المتحدة التي كانت قد بدأت تتحول إلى القطب الوحيد في هذا العالم، وأيضا في ضبط المعادلات· لكن ثمن ذلك، في نظره، كان فادحا وطويلاً، حتى بدا ان السوريين يريدون أن يبقوا في لبنان إلى الأبد··
هم كل الدولة··
والواقع أن الأمور باتت واضحة جدا بعدما تراكمت على ذلك النحو المأسوي بل والانفجاري· المعارضة تقول ان السوريين وضعوا أيديهم على كل مفاصل الدولة· هم الذين يختارون الرؤساء، والوزراء، والنواب، وقائد الجيش، وعمداء الجامعات، والقضاة، وقادة الأجهزة الأمنية، وكبار موظفي الدولة، وحتى صغارهم، فضلا عن سيطرتهم على مرافق أساسية، بدءا من الهاتف الخلوي وانتهاء بالمرافئ مرورا بالكهرباء والمحروقات وحتى الكازينو··
لم تترك المعارضة تهمة إلا ووجهتها إلى دمشق التي، رغم حنكتها، راحت تتعامل مع التطورات الهائلة في المنطقة وكأن شيئا لم يكن، لا بل أنها أغفلت كليا ما يعنيه قانون محاسبة سوريا واستعادة لبنان سيادته مع ان هذا لا يعكس فقط مناخا في واشنطن، وإنما يعكس توجها، ولقد وصلت البوصلة الحمراء إلى دمشق·
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وهو القطب المعارض الأكثر تأثيرا، استغرب كيف ان دمشق لم تقرأ الأحداث كما يفترض أن تقرأ، مجلس الأمن يدعى إلى الانعقاد ويصدر قرارا (1559) جاء في حيثياته وإذ يدرك ان لبنان مقبل على انتخابات رئاسية، ويؤكد أهمية اجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقا لقواعد الدستور اللبناني الموضوعة من غير تدخل أو نفوذ أجنبي ، ومع ذلك ينعقد المجلس النيابي في بيروت ويقر تعديلا دستوريا يقضي بالتمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود لثلاث سنوات (بعدما كان الاتجاه إلى التجديد لست سنوات)، موقف ضد مجلس الأمن؟ بل انه موقف مباشر ضد الولايات المتحدة وفرنسا التي اعتبرت ان الشخصية اللبنانية، بأبعادها الثقافية والحضارية والإنسانية، تتعرض للاضمحلال، وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك هو من تبنى مؤتمر باريس-2 الذي اعتمد برنامجا لانقاذ الاقتصاد اللبناني من خلال إعادة الهيكلة والاصلاح التي تتناول جوانب مالية حيوية، لم ينفذ شيء بسبب المواجهة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة (الراحل) رفيق الحريري ··
لؤلؤة الشرق الأوسط
ذهبت مقررات باريس-2 أدراج الرياح، وغضب الأليزيه الذي كان يخشى على نهاية الديموقراطية في لبنان الذي يفترض ألا يبقى هكذا إلى الأبد، أي في ظل ازدواجية السلطة، فيما هو يمتلك كل الامكانات لكي يكون، فعلا، لؤلؤة الشرق الأوسط··
هل حقاً ان قراءة التطورات كانت رديئة إلى هذا الحد، حتى إذا ما وقعت اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، توجهت الأصابع إلى الأجهزة السورية، وقبل أن تتبلور أي قرائن أو أدلة أو معطيات حسية، إذاً، كان هناك مناخ نفسي يدفع في ذلك الاتجاه··
فجأة بدأ المشهد يتغير في الساحة اللبنانية· المعارضة هي التي تمسك بالوضع، والعديد من الساسة الذين صنعتهم دمشق أو دفعتهم إلى الضوء أثبتوا مستوى هائلاً من الوهن السياسي· ظهر الاختلال، وإن كان هناك مَن يقول ان الرياح الدولية التي تسير في اتجاه معين هي التي جعلت الأمور تأخذ ذلك المنحى الصاخب في ساحة الشهداء في وسط بيروت·
السيد معجزة
لم يكن رفيق الحريري بالرجل العادي· رجل خارق بكل ما تعنيه الكلمة، ومجلة الاكسبرس الفرنسية وصفته في العام 1992 بـ السيد معجزة · وبالفعل، فإن ما حققه في بيروت، التي كانت عبارة عن مقبرة وتحولت إلى مدينة آسرة، كان معجزة حقيقية·
الظروف التي رافقت مسيرته السياسية منذ أن دخل الرئيس اميل لحود إلى القصر الجمهوري، والظروف التي أعقبت التمديد، حرّكت الناس على ذلك النحو المثير، ورفع شعار انسحاب سوريا من لبنان·
لا ريب أن هناك مَن ارتكب تلك الأخطاء الفادحة، وسواء في طريقة الرؤية أو في طريقة الأداء، لكي تصل الأمور باللبنانيين أو بقسم كبير منهم، على التعاطي مع جيش شقيق على أنه جيش احتلال، فيما كانت الدول العربية والأجنبية، بأدواتها الإعلامية أو السياسية، تعلن وقوفها إلى جانب لبنان، مع التأكيد على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم ·1559
لا يُعرف إلى أي مدى يمكن أن تكون الصراحة مباحة في لحظة تفترض أقصى حالات الصراحة، فتطور الأحداث كان يشير إلى ان ساعة الانفجار تقترب· ولكن هل يمكن أن يحدث هذا فعلاً، وأين أولئك الذين ملأوا الصحف والشاشات بالمديح لسوريا وما فعلته للبنان؟
تغير كامل في المشهد
أجل، تغيّر كامل في المشهد، فيما يبدو واضحاً ان الحالة الدولية ترخي بظلالها على الوضع اللبناني· لم يعد بالإمكان التوسط، ولا بذل المساعي، قبل أن يتم الانسحاب الكامل· ولكن هل يستطيع السوريون ان يتحملوا انسحابا من هذا النوع؟ ومن لبنان تحديداً، حيث الشعب الواحد في دولتين، وحيث تلازم المسار والمصير، وحيث معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق··
جاء نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد إلى لبنان· لم يلتق إلا بوزير الخارجية محمود حمود ليبلغه الطلب الأميركي (أي الانسحاب السوري الفوري من الأراضي اللبنانية ، فيما التقى عدداً من كبار المعارضين، فضلا عن شخصيات أخرى· وقيل أن مهمة ساترفيلد الذي كان سفيراً في بيروت لم تكن مهمة ساعي البريد، إذ ان باستطاعة السفير جيفري فيلتمان أن يقوم بذلك، كما ان مساعد وزير الخارجية ويليام بيرنز الذي حضر تشييع جنازة الرئيس الحريري ، نقل إلى المسؤولين اللبنانيين ما ينبغي نقله· إذاً، ما هي المهمة الحقيقية لـ ساترفيلد ؟
شخصية سياسية موالية تقول ان المسؤول الأميركي هو مَن أصدر أمر العمليات بإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية، فضلاً عن النائب العام التمييزي عدنان عضوم ، على أن يكون ذلك بمثابة تمهيد لتنحي رئيس الجمهورية·
مأزق زائد مأزق
والواقع ان كلاماً كثيراً يقال الآن وراء الستار، فحكومة الرئيس عمر كرامي استقالت لسببين، الأول هو أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله أبلغه، وبعيداً عما كان يدلي به نواب الحزب، بأن نواب الكتلة وعددهم 11 لن يمنحوا الحكومة الثقة في المجلس لأن المناخ لا يسمح بأي تصدع إضافي على مستوى الساحة اللبنانية، كما أن استقالة الحكومة يقفل الباب، ولو إلى حين، أمام الشرط العاصف الذي أطلقته المعارضة، وهو إقالة القادة الأمنيين باعتبار ان قراراً من هذا القبيل يقتضي قراراً من الحكومة· من هنا كان استدراك المعارضة واشتراطها استقالتهم·
لبنان في مأزق، سوريا في مأزق أيضاً، لا أحد يقبل بأن يخرج السوريون على نحو غير لائق، فضلاً عن مثل هذا الخروج لابد أن يحدث صدمة لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجها، فرغم كل شيء، تظل أكثرية اللبنانيين تقول بالعلاقات المميزة، ولكن المتكافئة، مع سوريا التي هي البوابة الوحيدة على الخليج العربي والعراق والأردن، وأيضاً على تركيا وأوروبا وآسيا· إنها تحيط بالشمال والشرق على مسافة 278 كيلومترا ، فيما الأسلاك الشائكة تفصل لبنان عن إسرائيل (79 كيلومترا)، هذا إذا لم نقل أن هناك ما هو أهم من الأسلاك الشائكة بكثير·
وُجد لينفذ··
خلال لقاءاته في بيروت، قال ساترفيلد ان القرار 1559 وُجد لينفذه، وفي اعتقاده انه إذا ما انسحب الجيش السوري ينتهي، تلقائيا، دور حزب الله الذي- في نظره أيضاً- أنه، وبعد الانسحاب الإسرائيلي في مايو ،2000 لم يعد يطلق النار باتجاه مزارع شبعا إلا لغايات لسورية محددة وذات منحى تكتيكي، ناهيك عن ان المسؤول الأميركي أبلغ جهة لبنانية ان الإسرائيليين مستعدون للانسحاب، في أي لحظة، من تلك المزارع التي لا تفيد تل أبيب بأي شيء، لكن المسألة تتعلق بترتيبات معينة كأن يعقب هذه الخطوات إرسال الجيش اللبناني إلى الخط الأزرق، ودون أن يكون بالإمكان التذرع، مرة ثانية، بأن مهمة هذا الجيش ليست حماية الدولة العبرية·
مفترض الطريق حساس وخطير· إنهما لبنان وسوريا اللذان كانت عملتهما تصدر عن مصرف واحد بنك سوريا ولبنان واللذان كانت تربط بينهما وحدة جمركية قبل أن يبادر رئيس الوزراء السوري آنذاك خالد العظم ، وبسبب كراهيته لرئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح ، إلى الانسحاب من اتفاق الوحدة لأنه، بنظره، يلحق الأذى بالاقتصاد السوري·
آلاف السوريين يأتون كسياح يوم الجمعة إلى بيروت والأماكن السياحية، وعشرات آلاف اللبنانيين يقصدون دمشق أو حمص يوم الأحد للتبضع· بالكاد تكون هناك مسافة بين بيروت ودمشق، إذاً ماذا فعلت السياسة بالبلدين التوأمين؟
فعلت الكثير، وإذ تضغط الحالة الدولية التي قد لا تسمح بدور عربي، ولا للحفاظ على شكليات معينة، فإن هناك من يخشى انتقال لبنان من حال إلى حال، فبعد ساعات من صدور قرار مجلس الأمن رقم ،1559 كان وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالون يأمل في أن يكون لبنان، ومع اعتبار القرار اياه، الدولة العربية الثالثة التي تبرم معاهدة سلام مع إسرائيل، وهو كرر هذا الكلام بعد التظاهرات والاعتصامات في بيروت ضد الوجود السوري·
الانسحاب·· الانسحاب
والواقع أن كثيرين يظهرون واثقين من ان واشنطن تركز الضوء على لبنان لفصله عن سوريا أولاً، وثانياً من أجل ترتيب اقليمي يتعلق بالوضع الفلسطيني·
استحقاقات، ان صحت، فهي بالغة الخطورة بالنسبة إلى لبنان الذي يقول المسؤولون فيه أنه سيكون آخر دولة عربية توقع السلام مع إسرائيل· ولكن ألا ينظر الأميركيون إلى سوريا أيضاً· كل يعود إلى حجمه الطبيعي ويتم التعاطي معه على هذا الأساس· وحين يفقد السوريون دورهم الفلسطيني واللبناني تبدو الحجرة السورية ضيقة وضاغطة، وهذا ما كان يتبينه جيداً الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي استحصل من واشنطن على إقرار بالدور المركزي لبلاده·
أشياء كثيرة تغيرت الآن، لا أحد إلا ويقول بالانسحاب، فيما يتم البحث عن وسيلة لـ المزاوجة بين اتفاق الطائف الذي يقول بإعادة الانتشار في منطقة البقاع، وبعد ذلك يتم الاتفاق بين البلدين على الانسحاب النهائي، وبين القرار 1559 الذي يبدو أنه هو الذي ينبغي أن ينفذ الآن··
ما تداعيات كل هذا على الوضع الداخلي اللبناني؟ المناخ النفسي يميل أكثر في اتجاه المعارضة، ولكن على أساس إعادة هيكلة العلاقات انطلاقاً من مبدأ الند للند·
الواقع ان التطورات تمضي بصورة مثيرة، الوقت لا يسمح بالشكليات ، هذا ما قاله وزير خارجية عربي خلال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب، فيما كان الكلام السعودي، وهو كلام مباشر وينطلق من أرضية تتميز بالصدقية والدقة، شديد الوضوح، فالوضع الدولي وبدءا من الوضع الأميركي، ينذر بالخطر· إذا لم يتم الانسحاب، فإن مجلس الأمن الدولي جاهز للالتئام من أجل اتخاذ قرار يقضي باعتماد الفصل السابع منه، أي تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559 عن طريق القوة·
هذا ما همس به أيضاً ديبلوماسي روسي في بيروت خلال مناقشته للوضع، معتبرا ان في الأفق شيئاً ما أبعد بكثير من العقوبات: نقول هذا لأصدقائنا ونرجوهم ·
هل يكون ما يجري مقدمة لعلاقات مميزة بين بيروت ودمشق؟ الساعة الدولية فوق رؤوسنا· الله أعلم، حتى وإن تم التلويح بتظاهرات مضادة لإقامة توازن الرعب · خطوة بدائية جدا· القضية أكبر من هذا بكثير··
أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©