تنعقد القمة العربية الحالية وسط ظروف استثنائية تمر بها أمتنا العربية ·· هذه العبارة تتصدر كل قمة عربية، وهي عبارة تاريخية منذ تأسيس الجامعة العربية وظهورها للوجود في الأربعينيات من القرن الماضي، وتكاد تكون هذه العبارة هي القاسم المشترك الذي يجمع القمم العربية منذ أن انطلقت أول قمة لها في قرية أنشاص المصرية إلى قمة الجزائر الحالية·
ففي كل قمة عربية تكون الأمة العربية منكوبة، ونحن نعرف نكباتنا الكثيرة سواء أكانت هذه النكبات داخلية أي عربية - عربية أو نكبات خارجية نزلت بالأمة، ولأكثر من نصف قرن من الزمان ونحن العرب نعيش مسلسل جامعة الدول العربية، وفي كل مرة تنعقد القمة العربية ولا يتمخض عنها شيء، وفي كل قمة لا يشد الناس العاديين لهذه القمة أو تلك إلا مظاهر الفشخرة التي تحيط بكل قمة بدءا من هذا الجيش العرم الذي يمثله موظفو الجامعة، والذين يتاقضون مرتباتهم بالدولار الأميركي أخضر اللون·
أزمة الجامعة العربية كبيرة وهي محل دراسات كثيرة في العلوم السياسية أنجزها باحثون كثر منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وحتى الآن لم تحل أزمة الجامعة، فالجامعة التي يحلو للبعض بأن يطلق عليها بيت العرب أصبحت أشبه ببيت آيل للسقوط ، والجامعة التي أنشئت لحل المشاكل العربية في أشد الحاجة لمن يحل لها مشاكلها، وهي مثل باب النجار المخلع·
فالجامعة العربية مازالت حتى اليوم تصارع لانجاز قرار أصدرته في الخمسينيات من القرن الماضي يتضمن ضرورة انشاء السوق العربية المشتركة، وبالطبع فقد انتهى القرن الماضي ولم تقم السوق العربية المشتركة، وقد كان جيراننا من الإخوة الأوروبيين أكثر احتراماً لهذا القرار وطبقوه على الفور وكانت السوق الأوروبية المشتركة، وعلى قياس المشتركة ضع كل شيء مشترك وتأمله جيداً على الساحة العربية لتتأكد أنه شيء فاشل، ولم يكتب له النجاح، فالسوق العربية المشتركة مثل العملة العربية المشتركة مثل الجواز العربي المشترك مثل التكامل الاقتصادي المشترك، وتضحك ويرتفع ضغط الدم في وجنتيك من الضحك عندما تقرأ عن حرب البطاطا بين الدول العربية التي تضع آلاف الحواجز فيما بينها لتمنع استيراد البطاطا من دولة عربية أخرى، بل إن حزمة جرجير أو قوطي طماطم ينكل بها عندما تحاول العبور من دولة عربية إلى أخرى، ولا داعي لأن أذكركم بما يحدث للعربي ابن الجامعة العربية بيت العرب في مطارات أهله واخوانه من بني جلدته العرب·
في القمم العربية تنفتح الجروح القديمة والتي لم ينفع معها ملح السنين ولم تصلح معها مياسم الكي، في كل قمة عربية تتعلق العيون بقرارات قادة العرب وينتظر البسطاء من القمة أن تكون عند مستوى التحدي والطموح وعلى قدر المأساة التي يشهدها العرب منذ أول قمة حتى اليوم· واذا ظل حال الجامعة العربية على هذه الصورة، واذا ظلت الجامعة كحلال المشاكل الذي يتصدى لحل مشاكل الآخرين ولا يحل مشاكله أولاً، واذا ظلت هذه التوصيات والقرارات التي تصدرها القمة بـ الوار وتقيسها بالذراع، اذا ظل الحال على ماهو عليه فلن يكون أمامي من مفر سواء استرجاع تلك العبارة التاريخية التي قالتها جدتي عندما سمعت عن قرارات أول قمة في أربعينات القرن الماضي إذ صرخت بملء الفم: عليه العوض·