مائة ألف تأشيرة عمل أصدرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في شهرين، وقد تركزت هذه التأشيرات بحسب مصادر وزارة العمل في دبي، وقبلها 900 ألف تأشيرة عمل خلال شهور أصدرتها مكاتب العمل، ولا نعرف الى أين نمضي، والى أين تأخذنا تأشيرات العمل هذه؟
منذ سنوات ونحن نتحدث عن خلل التركيبة السكانية وعن ضرورة اصلاح هذا الخلل، كثيرون أطلقوا تحذيراتهم بشأن فوضى التأشيرات الجماعية سواء كانت للزيارة أو للعمل، ولم يتحرك أحد، لجان كثيرة تدرس التركيبة السكانية وحتى الآن لم يتمخض شيء عن هذه اللجان·
بل ان ما يحدث في سوق العمل منذ نشاط هذه اللجان يكاد يوحي للمرء ان هذه اللجان تعقد اجتماعاتها لا للحد من خطورة التركيبة السكانية أو اصلاح الخلل الذي تعاني منه بل لزيادة هذا الخلل والا فما الذي يحدث؟ ولماذا كل هذه الأعداد من العمالة الوافدة؟ واذا كانت الاحصاءات بشرتنا منذ أيام بأن عدد سكان الدولة سيقفز بنهاية العام الجاري الى خمسة ملايين نسمة فمن حقنا ان نفرح، ولكن فرحتنا لا تطول عندما نقرأ ونحصى معهم ما هي اعداد المواطنين من الملايين الخمسة هذه، وهي اعداد قليلة ضمن هذا الطوفان من التأشيرات التي تتدفق يوميا حاملة الينا بشرا من كل حدب وصوب·
لا يمكن ان يظل البعض واضعا يده في الماء هكذا، ولا يمكن قبول حالة التراخي التي يتعامل بها البعض مع موضوع التأشيرات الجماعية التي تحصل عليها شركات المقاولات والنظافة ومصانع الملابس الجاهزة التي انتشرت في الدولة واصبح بين كل مصنع ملابس ونظيره مصنع آخر·
عندما نتحدث عن التركيبة السكانية فإننا نتحدث عن أمن الوطن وسلامته، نتحدث عن محددات الهوية، عن اللغة والعادات والتقاليد والنسيج المجتمعي الواحد، وعندما نطالب بملء الفم بضرورة اتخاذ اجراءات استراتيجية لإصلاح خلل التركيبة السكانية فنحن لا نقصد بذلك الاضرار بمصالح بعض الهوامير من اصحاب البيزنس الذين يصرخون في كل مجلس بمجرد طرح سالفة عن التركيبة السكانية، بل لا يتورع هؤلاء عن القول إننا لسنا الوحيدين في قارب الخلل السكاني فدول الخليج كلها تعاني منه·
نعم هناك معاناة ولكن لكل دولة، ولكل مجتمع خصوصيته التي يحرص عليها، وتبقى القضية وطنية بالدرجة الأولى وليست قضية بيزنس او مقاولات او ملابس جاهزة·
صدقوني ما يحدث من فوضى التأشيرات في حاجة لفارس يكبح جماح هذه الأختام التي تنهال بالموافقة على زيادة خلل التركيبة السكانية، وعليه العوض في اجتماعات اللجان الصغيرة وتلك اللجان العودة التي تناقش وتبحث في سرية شديدة كيفية اصلاح الخلل السكاني·