بعض المسؤولين يحلو لهم اتباع أساليب إدارية فريدة لم يسبقهم إليها غيرهم، ومن هذه الأساليب اسلوب القفز على المشاكل، وهو يشبه كثيرا اسلوب القفز على الحواجز، وهو افضل واسهل هذه الاساليب على الاطلاق، فالمسؤول الجديد يأتي الى الوزارة أو الدائرة او حتى القسم الاداري الذي يديره ويضرب كفا بكف كل يوم امام الموظفين وعلى عيون الاشهاد من المراجعين الذين تخيل عليهم اللعبة، ويصرخ هذا المسؤول بأعلى صوته ما الذي يحدث؟ وكيف كان يحدث ذلك؟ وما الذي دفعكم للصبر على هذه البلاوي؟ ومن كان يتابع هذه الأعمال؟ وأين هم المسؤولون السابقون وما دورهم؟ ولماذا التزموا الصمت تجاه هذه التصرفات؟ يقول المسؤول الجديد هذا الكلام ويضرب كفا بكف ويعد موظفيه بأن ما كان لن يكون، وما سيكون سوف يشهد الشفافية والموضوعية والسهر على راحة المراجعين·
ويسمع الموظفون والمراجعون هذه الخطب الرنانة للمسؤول الجديد ويضربون هم الآخرون كفوفهم ولكن على وجوههم من شدة هيستريا الفرح التي انتابتهم لسماع تصريحات سعادته أو معاليه،، أو وكيل معاليه وغيرهم ممن يتقنون سياسة القفز على الحواجز·
وفي احدى الوزارات التي شهدت تغييرات جذرية خلال العقدين الاخيرين لم تطل هذه التغييرات موظفا صغيرا اختاره احد الوزراء للرد على المكالمات الهاتفية في مكتب معاليه في ديوان الوزارة بأبوظبي، ومع مرور الزمن ومن واقع العشرة الطيبة مع الوزراء الذين تناوبوا المسؤولية صارت أسهم هذا الموظف ترتفع يوميا، وذلك على الرغم من انه لم يكن الافضل من بين الزملاء، وصار نفوذه يزداد يوميا، ومن وراء الستار اصبح يحرك خيوطا كثيرة في مسرح عرائس القرارات الصغيرة والكبيرة في الوزارة·
وقد كان من حسن حظ هذا الموظف الصغير الذي غدا هامورا الآن ان وزارته طالها التغيير اكثر من مرة وفي كل مرة كان هو مرجع عدد من كبار المسؤولين الذين تولوا مهام الصف الأول في هذه الوزارة·
وبالطبع لم يكن امام هذا الهامور الا ان يواصل المسيرة فيكيد لهذا ويضربه كتفا قانونيا يتم بموجبه اقصاء الاخير عن أي منصب يمكن ان يهدد امبراطورية هذا الهامور، او يؤثر على مصالحه الشخصية، وصار الهامور يبدل الموظفين بفركة واحدة بين اصابعه·· بل لم يقف عند ذلك الحد، وإنما تعدى خطوطا حمراء كثيرة، وفتح باب مكتبه الفخم لعدد محدود من المراجعين فقط، وهؤلاء المراجعون هم المحظوظون الذين يستقبلهم هم أو من ينوب عنهم، أم هؤلاء الذين كوت جباههم حرارة الشمس فلا مكان لهم في مكتبه الوثير·
هذا الهامور وغيره من الهوامير الذين انتفخت كروشهم من الوظيفة الحكومية أحق بأن يطولهم قطار التطوير او التغيير الذي يدور في أكثر من جهة في هذه الوزارة او تلك وكأنه يمشي على الرمال، واذا لم تصل عملية التغيير هؤلاء الهوامير القابعين في الاعماق فإن كل حديث عن هذا التطوير مجرد فقاقيع في الهواء، وعليه العوض·