شؤون وشجون
- تذكرت أحوال الجيران في الزمن الجميل حين يتحولون من مكان قديم إلى مكان جديد، لا الناس في المكان القديم يريدونك الرحيل، وهم يودعونك بالدموع والدعاء والدعوات، فرفجتهم لا تتركك تشعل ناراً أو توقد قدراً لأيام متوالية، ولا الناس في المكان الجديد يقصرون في استقبالك والمبالغة بالحفاوة التي يضفونها على أيامك الأولى، اليوم حين ينزل بك المصعد من شقتك حاملاً توابعك، تكتفي بنظرة الحارس عليك وكأنه سيفتقد شخصاً ما أحبه لكنه لم يعرفه، سيفتقد سيارتك التي كانت تقبع أمام العمارة دوماً، ويتولى تنظفيها يومياً، ليس من يودعك ويستقبلك في ترحالك وحلّك اليوم، إلا صديق بسيط عابر، سيظل يناديك بالأرباب منذ اليوم وحتى تقرر الانتقال من جديد أو ينهى عمله هو هكذا فجأة·
- رحلت بالأمس عن دنيانا شخصيتان من أعيان المجتمع ووجهائه، ساهمت كل منهما في مجال عملها الطويل بإضفاء أشياء جميلة في حياتنا الاجتماعية ومسيرة النهضة في البلاد، عبد الملك الأحمر ومحمد رسول خوري، الأول أتذكره مدرساً ومديراً في مدارس أبو ظبي القديمة، وتابع متنقلاً في دروب الحياة الجديدة، وتتطور معها حتى أصبح محافظاً للمصرف المركزي، والآخر أذكره منذ كنت صغيراً في دكانه في سوق أبو ظبي القديم، كبر محمد رسول خوري وكبر متجره، مثلما كبرت المدينة حتى أصبح من أشهر تجارها، وكان قد سبقهما بشهر المرحوم محمد بن سالم الظاهري الذي قدم للعين أشياء كثيرة ومميزة، ورافق خطوات المرحوم الشيخ زايد في الكثير من أحلامه وأيامه، الجيل الجديد قد لا يعرف عصامية هؤلاء، ولا يعرف بدايتهم الصعبة ونجاحهم الذي وصلوا إليه، فلهم جميعاً منا الرحمة والمغفرة والثناء على ما فعلوه في حياتنا وما قدموه من أعمال خيّرة وطيبة طوال حياتهم وكفاحهم·
- دائماً نراهن على وعي المجتمع في التصدي للشائعات والأقاويل التي تكثر في مكان معين، وفي أوقات معينة، والتي لا هدف منها إلا التسلية والتنفيس عن الذات المكبوتة، وممارسة عقد الأمراض الاجتماعية والنفسية التي يعاني منها البعض، والتي يمكن أن تسبب إزعاجاً ومضايقة للناس وتحدث بلبلة في المجتمع، خاصة وأن وسائل الاتصال والإيصال أصبحت اليوم متوفرة في الأيدي، وخارج نطاق الرقابة، نقول هذا ونحن لسنا بمعزل مما يشاع ويذاع عن مرتكب الجرائم في الشارقة والذي تكثر بشأنه وحوله الأقاويل والأكاذيب، ويضفي عليها الجهلاء والمرضى من الناس الكثير من التمليح والتبهير ليخلقوا من كرة الثلج جبلاً من الكذب والخوف والهرج·