الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجرة بلا نجوم

مجرة بلا نجوم
14 مارس 2005

إعداد - عدنان عضيمة:
ورد في تقرير مصور مسهب كتبه ستووارت كلارك ونشرته مجلة 'نيوساينتيست' العلمية المتخصصة، أن الكثير من الأدلة والقرائن قد تجمعت لتشير إلى أن المجرة المكتشفة حديثاً في عنقود العذراء Virgo cluster تخلو تماماً من النجوم وتبعد عن الأرض بنحو 50 مليون سنة ضوئية· وإذا ما تم التأكد من وجود هذه 'المجرة المظلمة'، فسوف يمثل ذلك تأكيداً للنظريات والفرضيات الموضوعة حتى الآن بشأن آليات تشكل المجرات بالرغم من أنها سوف تطرح في الوقت ذاته ألغازاً جديدة يصعب على العلماء تفسيرها·
وهذه المجرة التي تتألف من سحابة هائلة الحجم من غاز الهيدروجين والمادة الداكنة، تتضمن من المادة ما يكفي لولادة ملايين النجوم إلا أن هناك ما يحول دون حدوث ذلك· ومن الجدير أن يشار قبل كل شيء إلى أنه تم التأكد تماماً من وجود المجرات الداكنة التي تفوق من حيث أعدادها المجرات الساطعة بنسبة مئة إلى واحد· ولكن، هذه هي المرة الأولى التي يصرح بها العلماء بأنهم عثروا على واحدة منهاورأوها بأم العين· وتفسير ذلك يكمن في أن وجود المجرات المظلمة تم التأكد منه بطرق استنتاجية وليس بطريقة الرصد المباشر· ويمكن أن يكون هذا الاكتشاف بمثابة إجلاء للكثير من الغموض بالنسبة لعلماء الفيزياء الفلكية الذين يسعون لتطوير النظريات المتعلقة بآلية تشكل المجرات· ويقول مايكل ميريفيلد الفيزيائي الفلكي في جامعة نوتينجهام في المملكة المتحدة: 'لو لم تكن هناك مجرّات مظلمة في الكون لكنا فقدنا جزءاً مهماً من علم الفيزياء'·
وكان لتقنية المحاكاة الحاسوبية أن تكشف خلال العقود الأخيرة عن وجود الكثير من المجرات الصغيرة التي لم يتمكن العلماء من رؤيتها بوسائل الرصد المعروفة· وعلى سبيل المثال، توجد المئات منها فيما يسمى 'مجموعة المجرات المحلية' Local Group Galaxies التي تنتمي إليها مجرتا درب التبانة ومجرة أندروميدا· وبالرغم من أن عدد هذه المجرات القزمة يعد بالملايين إلا أن العلماء لم يكتشفوا إلا 35 مجرة منها فقط· ويكمن سبب ذلك في أن هذه المجرات مظلمة لا تشعّ ضوءها الذاتي، فهي ليست إلا سحباً منفصلة من الهيدروجين والمادة المظلمة التي تخلو تماماً من النجوم· ويقول ريكاردو جيوفانيللي من جامعة كورنيل في نيويورك: 'لا شك أن البحث عن المجرات المظلمة هو قضية مهمة للغاية لأن هناك حتى الآن تعارض في الطرح بين النظريات المتعلقة بنشأة المجرات ونتائج عمليات رصدها'·
وتكمن مشكلة رصد المجرات المظلمة في أنها لا تصدر ضوءاً على الإطلاق، مما يجعل من عمليات رصدها بالتلسكوبات الضوئية العادية أمراً مستحيلاً· وتكون الإشارات الوحيدة الصادرة عنها عبارة عن موجات إشعاعية بطول موجة من مرتبة 21 سنتمتراً صادرة عن ذرات الهيدروجين الذي يتألف منه معظم الغاز السائد في المجرات· ويرى جيوفانيللي أن الفلكيين فشلوا خلال السنوات الماضية في اكتشاف المجرات المظلمة ليس لأنها غير موجودة، بل لأن الأجهزة التي استخدموها في رصدها لم تكن دقيقة بما يكفي لتحقيق هذا الهدف·
وخلال عملية المسح الأخيرة، استخدم فريق دولي من فيزيائيي الفلك يقودهم روبرت مينشينو من جامعة كارديف في المملكة المتحدة، تلسكوباً إشعاعياً، يبلغ قطر صحن التقاط الموجات فيه 76 متراً ويوجد في مرصد 'مانشستر جورديل بانك' في بريطانيا، من أجل سبر السماء بحثاً عن مجرات مظلمة في عنقود العذراء Virgo Cluster. وتمكنوا من خلال هذه العملية من العثور على مجرة مظلمة أطلقوا عليها إسم ",12"VIRRGOHI وهي ليست إلا سحابة غازية هائلة تتضمن كمية من الهيدروجين تكفي لتكوين 100 مليون نجم شبيه بنجمتنا الشمس·
وكانت كل الجهود التي بذلها العلماء في عمليات الرصد السابقة التي استهدفت اكتشاف المجرات المظلمة قد ذهبت هباء، فلقد أظهرت عمليات الرصد باستخدام التلسكوبات الضوئية (ذات المرايا العاكسة أو العدسات المجمعة للضوء) وجود النجوم فيها ولكن عندما استخدم مينشين ورفاقه تلسكوباً عاكساً يبلغ قطر مرآته الشيئية 2,5 متر ويوجد في جزيرة لا بالما الإسبانية، فإنهم لم يجدوا فيها أي نجم· ويعلق مينشين على هذه النتيجة بالقول: 'هذا هو الهدف الفلكي الأول الذي نجد أنفسنا على ثقة تامة عندما نصفه بأنه مجرة مظلمة'·
نقاط الضعف
وظهرت العديد من نقاط الضعف في هذا الطرح الذي يقدمه العلماء· فلو كانت المجرات تتألف من مادة عادية فقط فإن سرعة دورانها الفائقة سوف تقذف بها بعيداً· والكتلة الإضافية اللازمة لتوليد قوة الجاذبية التي تسمح بربطها إلى بعضها البعض لا بد أن تكون مادة مظلمة· وعندما عمد مينشين ورفاقه إلى قياس سرعة دوران غاز الهيدروجين في المجرة المكتشفة حديثاً ",12"VIRRGOHI وجدوا أن من المؤكد أنها تحتوي على كمية من المادة المظلمة تعادل عُشر تلك التي توجد في مجرتنا درب التبانة· وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد أنها تضم من غاز الهيدروجين أكثر بكثير من الكمية التي تمكنوا من اكتشافها فيها·
وهكذا، وبدلاً من أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى إزالة الغموض عن الكثير من التساؤلات المتعلقة بنشأة المجرات وآليات تشكلها وتطورها، فإنه فتح الباب على مصراعيه لطرح المزيد من التساؤلات والألغاز·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©