قصة الأسرة المواطنة التي أنقذت العناية الإلهية أفرادها السبعة وأمهم المسنة بعد أن انهار جزء من سقف البيت الذي يقيمون فيه بمنطقة 'سبيت' بالجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، تفتح مجددا ملف الإهمال الشديد في صيانة الأبنية التجارية والمساكن الشعبية· فالخبر المنشور في جريدة 'الاتحاد' اليوم يشير إلى وجود 7 آلاف مسكن تحتاج إلى صيانة عاجلة وفقا لإحصائية صادرة عن بلدية رأس الخيمة·· ويشير أيضا إلى أن البلدية أصدرت تقريرا فنيا يؤكد حاجة المسكن الذي وقع فيه الحادث إلى صيانة كاملة لأن عمره يزيد على عشرين عاما ولأن المعاينة أكدت خطورته والخبراء وصفوه بالمسكن المتداعي، ولكن الصيانة لم تحدث وكأن دور البلدية انتهى عند حد التحذير من الخطر دون اتخاذ التدابير التي تمنع وقوعه· ولو أن أجزاء السقف التي انهارت بفعل الإهمال المتراكم عبر عشرين عاما قد سقطت على رؤوس ساكني هذا البيت لا قدر الله لكنا اليوم نتحدث عن كارثة مروعة بدلا من الحديث عن نجاة أسرة كاملة من موت محقق بفعل العناية الإلهية·
الخبر المؤلم يضعنا أمام مجموعة من الحقائق الأكثر إيلاما· فلجان البلدية فحصت وعاينت وأوصت وربما حذرت وانتهى دورها عند هذا الحد لتترك سكان المسكن المتداعي لمصيرهم المجهول·· وهي في تبرير ذلك تؤكد وجود آلاف المساكن التي تعاني نفس الظروف وهو ما يعني أن سبعة آلاف أسرة في رأس الخيمة وحدها يحتاجون إلى العناية الإلهية لإنقاذهم مما ينتظرهم·· والحديث هنا عن إمارة واحدة من إمارات الدولة وليس عن جميع إماراتها ومناطقها·
المشكلة إذن خطيرة وتتجاوز خطورتها حدود ما حدث لأسرة واحدة في مكان ما من الدولة إلى آفاق تقودنا لظاهرة تستوجب تحركا جادا وفوريا لمواجهتها·· فالعقارات في أي دولة من دول العالم هي جزء مهم من ثروتها وعنوان أساسي من عناوين حضارتها وهي ككل مكونات الثروة الوطنية تحتاج إلى التنمية ليس فقط ببناء المزيد بل أيضا بالاهتمام بما هو قائم والعناية به· وليس معقولا أن تبقى آلاف المساكن لسنوات طويلة بلا صيانة حتى تتداعى وتنهار أو تسقط على رؤوس ساكينها لا قدر الله·
لقد قدمت الدولة الكثير لأبنائها، ووفرت لقطاعات كبيرة منهم المساكن الشعبية مجانا وملكتها لهم ·· وإذا كنا نطالب أجهزة الدولة المعنية بالقيام بدورها في حماية هذه الثروة العقارية·· نطالب أيضا المواطنين الذين استفادوا من هذه المساكن بالقيام بدورهم في صيانة مساكنهم والمحافظة عليها·
قد تكون للأسرة التي تعرضت لهذا الحادث ظروفها الخاصة بعد أن مات عائلها·· ولكن هناك آلاف الأسر المواطنة التي لا تعاني من نفس الظروف والتي لا يوجد ما يبرر تقاعسها عن حماية وصيانة ورعاية مساكنها رغم الحقيقة التي تقول إن المسكن وطن صغير في الوطن الكبير· ولو أن كل أسرة خصصت مائتي درهم شهريا لحساب صيانة المسكن فإن هذا المبلغ البسيط يكفي كل عدة سنوات لإجراء صيانة شاملة للمسكن·
الخطأ إذن مشترك والنتيجة مؤلمة·· هناك آلاف المساكن التي تداعت وتهالكت بفعل الإهمال المتراكم·· والمطلوب تشكيل لجان فنية على أعلى مستوى لتقدير حجم المشكلة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ثروتنا العقارية التي تعيش الآن حصاد سنوات الإهمال·