الأمطار في كل أنحاء العالم ترتبط بالخير، وهي مصدر النماء حيث يبعث الماء الحياة في الأرض التي أتى عليها الجفاف وتزدان بهجة واخضرارا، ومن هنا يرتبط الشتاء بالخير حيث تغتسل الأشجار وحتى البشر برائحة المطر·
ولا أحد منا لا يحب المطر فهي لحظات جميلة في ذاكرة الطفولة والصبا وهي ساعات البر وسط المراعي الخضراء التي تكتسي حلة جديدة عندما تجود السماء بالغيث، وفي كل دول العالم يهطل المطر فتنفرج معه أسارير البشر لدرجة ان البعض يربط بين المطر وتطهير البشر من دنس النفس ونوازع الهوى·
أما في بعض مدن الدولة فالمطر كارثة فهو كاشف عورات البلديات التي تغط في سبات عميق ودوائر الأشغال ووزارة الأشغال التي تبني بيوتا تخر أسقف بعضها وتتهاوى فوق الرؤوس لمجرد أن يصيبها طل من مطر·
وصدقوني هناك كثير من المواطنين الذين يعلمون جيداً حال البيوت يدعون الله ليلاً ونهاراً أن يمسك رحمة المطر، ولهؤلاء كل العذر فقد تركتهم البلديات يصارعون عمليات صيانة لا تنتهي في بيوت أكل عليها الدهر وشرب، وبدلاً من ان تمد بلديات هذه البيوت المنكوبة يد العون لهم تفرغت ووظفت جل طاقتها في اصدار الرخص التجارية والتصاريح الخاصة بمراكز المساج والتدليك، وفي عدد من المناطق المنكوبة بهذه البلديات أصبح بين كل مركز تدليك وجاره مركز آخر، وبات شعار هذه البلديات مركز تدليك لكل مواطن ووافد·
وفي الحقيقة أنا لا أعرف ماذا يفعل مسؤولو هذه البلديات وما هي الأعمال التي يقوم بها كل منهم، وهل تتحرك البلديات للقيام بأعمال الصيانة للبيوت التي يطيح بها المطر ولماذا تنتظر هذه البلديات حتى تقع الكارثة وتفاجئنا صور الأطفال والعجائز من النساء والشواب وهم يسبحون وسط برك المياه في حين يسبح مسؤولو هذه البلديات وسط الجاكوزي في مركز التدليك·
انفطر قلبي حزناً على هؤلاء المواطنين الذين هطل المطر على بيوتهم فلم يجد سقفاً يحجبه، ووجد هذه الأجساد النحيلة وهذا الفراش المتواضع يرحب به ضيفا غير مرغوب فيه على الرغم من حاجتهم اليه، ولا يعفي هذه البلديات من المساءلة التذرع بأنها لا تملك امكانيات مادية للقيام بدورها فهذه الأعذار أقبح من الذنوب، والسؤال هو أين تذهب أموال البلديات؟ وأين تنفق أموال الرخص والرسوم التي تحصل عليها؟·
وإذا كانت البلديات لا حول ولا قوة فما سر وجودها حتى الآن، إذ من الأفضل ان تجتاح الأمطار بيوت هؤلاء المواطنين في غياب جيوش البلديات بآلياتهم وماكيناتهم وعمالهم افضل من هذه الفضيحة التي يرسمها اهمال بعض البلديات على صفحات الصحف مع كل قطرة ماء تهبط من السماء·
وعليه العوض ومنه العوض·