أصدقاء يتقاسمون وقتك·· وإزعاجك
هم أشخاص في الحياة يحق لهم أن يسألوك، وواجب عليك أن تجيبهم، قد يتعشمون فيك الخير والإجابة، لكن لا تقدر إلا أن تكون معهم صادقاً قبل أن تكون صديقاً، سؤالهم قد يكون صغيراً وبسيطاً وفي أمور يقدر أن يحصل عليها دون أن يسألك، وقد يكون كبيراً لا تستطيع عليه، ولا تملك عليه إجابة ترضيهم وتريح بالهم·
* صديق يزعجك بموعد سفره عام 2007 في 21 إبريل، وأنت لا تدري ماذا ستفعل بعد غد، أو أين ستقضي إجازة الصيف، إن كانت هناك إجازة، وكان هناك صيف، ويزعجك بتفاصيل تكدر قلبك·· ربما ارتفع اليورو كثيراً ذلك الوقت، ربما حلت كارثة بالفندق نتيجة عمل إرهابي، ربما كان طلب الفيزا عسيراً يومها، ربما فتك بتلك البلدة تسونامي جديد، غير مدرك، أنت الذي تحزم حقيبتك قبل السفر بساعة، وربما تأخذ تذكرتك من المطار، غير مقتنع بفكرة تحديد السفر في 21 أبريل عام 2007 فكيف بالأسئلة التي تكدر القلب·
* صديق تجده في وقت الضيق·· يحمل تابلت لكل مرض أو شكوى، دائماً شنطته السامسونايت التي تركها الجميع ملأى بالمقويات والمغذيات وأوجاع البطن والظهر وأدوية الحموضة والتهاب الحلق ووجع الرأس، ومطهر وقطن ولزقات جونسون و عايدين يذكر مع شنطته تلك بالمحجم أو المختن زمان·
* صديق شاعر يطرح نفسه بأنه ما فوق الحداثي ولا يعترف بالأمس، فكلماته كلها مثل: زهرة السترو ميريا تلك التي استيقظت قبل أن تصحو زوجتي من يقظتها، وزهرة الفريسيا تغازل براءتها، وزهرة الفلامنجو تتسلق سطح الجيران بلا خجل، وهكذا من الزهور والأشجار التي لا تنبت في سبخة ولا سيح ولا واد، ولا تعرفها صحراؤنا ولا بحرنا ولا نعرف لفظها حتى، أحتج عليّ لأنني وضعت علامة تعجب في مقابلة تخص أخيه، بدعوى أن علامة التعجب تغير الحال وتعطي عكس المراد، لكنه نسي أن من مثله من شعراء الحداثة حطموا قواعد اللغة وقواعد الشعر، ويستكثرون علينا نحن القدامى المحافظين أن نضع علامة تعجب تخصنا، وتخص زمننا الذي ولى·
* صديق يطلب منك تسديد أقساط لفيلا اشتراها، فتحتار في الطلب، لا أنت صاحب أسهم وعقارات فتسدد عنه الأقساط، ولا أنت ساكن الشقة عندك مثل الفيلا التي يسكنها، فتتحايل عليه بحكمة اللغة وما علمك الزمن من تجربة، ألا تستدين من صديق فيخسرك، ولا تقرض صديقاً فتخسره·
* صديق يعشق الهواتف الفضية بالذات، ويعرف أنك تكرهها حد العمى، ويصرّ أن يأخذ رأيك فيها كلما أراد شراء جديدها، فيكون جوابك الذي لا يتغير، والذي يعرفه تماماً، بأن لونها أشبه بأواني المطبخ، يزعل ويحط في خاطره، لكنه في النهاية يشتري الهاتف الفضي الجديد·
* صديق منذ أتى إلى هنا·· لم يستمتع بالأشياء الجميلة، فكل شيء يحوله إلى درهم وفلس، ثم إلى العملة الصعبة، يحتار في كثرة الأشياء الجميلة والمغرية، غير أنه يتردد كثيراً حين يحسب قيمتها، لذلك بقي في منطقة رمال متحركة، فإن تقدم خطوة نحو التملك والاستحواذ على الأشياء الجميلة التي تطلبها روحه، منعته القيمة المادية وحسبتها على طريقته في إتمامها·