ظلت وزارة العمل خلال السنوات الماضية وزارة للكلام، نسمع جعجعتها ولا نرى طحنها، ونحن على هذه الحالة الى أن جاء الوزير الجديد، ولكن يبدو ان بيئة الوزارة تفرض نفسها دائماً اذ لم تلبث فترة قليلة الا وانهالت شلالات التصريحات الصحفية من قيادات الوزارة، ودخلت العمل في دوامة التصريحات منذ ذلك الحين وحتى الآن، ولم ينافس العمل في هذه التصريحات سوى فرسان تنمية ·
إذ انبرى هؤلاء الفرسان في تصريحات عنترية حول الأرقام الفلكية لطوابير الباحثين عن العمل من الخريجين والخريجات الذين لا يجدون ملجأ الا في تنمية ، ولذلك على تنمية أن تكون في حلة أنيقة حتى تستطيع استقبال أبناء الوطن من الباحثين عن عمل، ومن هنا جاءت تلك المكاتب الفخمة لـ تنمية والمرتبات الفلكية للعاملين فيها وعقود الاستشارات والتدريب التي تبرم مع عدد من الشركات والمكاتب المتخصصة في تدريب الباحثين عن عمل، وأنفقت تنمية - ولاتزال - الملايين على البرستيج ·
ولأن الكلام بدون جمارك، ولأننا في عصر الفضاء المفتوح فتحت تنمية النار على غيرها من المؤسسات وانهالت تشريحاً في جسد سوق العمل، فهي ترى ان المناهج الدراسية متأخرة وفي حاجة الى التغيير، وبالطبع فإن تغيير المناهج يحتاج الى سنوات، وبعدها يتم اقرار المناهج الجديدة ثم تدريسها، وبعد التدريس يتخرج الطلبة من الجامعات ثم تدرس تنمية مدى كفاءة هؤلاء؟ وهل هذه الكفاءة تناسب سوق العمل أم لا؟ وهل استوعبهم سوق العمل أم لا؟ وهكذا يدخل سوق العمل مع تنمية في حظيرة هذه الفلسفة المعروفة منذ القدم، والتي تبحث في أيهما أولاً البيضة أم الدجاجة؟ وهي فلسفة لا يدركها الا بعض الطامحين للحياة أبد الدهر في مناصب لم يقدموا لها شيئاً·
كنت أتمنى أن تغير تنمية هذه الفلسفة وتتجه الى سوق العمل مباشرة ترصد قضاياه وتحاول حلها بأسلوب علمي يخدم المجتمع ولكن وللأسف فإن تنمية قفزت على مشاكلها الحقيقية التي يجب ان تجند لها نفسها الى معارك الاحصاءات التي لم يبحث صحتها أحد·
والى ان تدرك كل جهة من هذه الجهات سواء كانت تنمية أم وزارة العمل سابقا، والمعروفة بوزارة الكلام حاليا طبيعة دورها وحدود مسؤولياتها سنظل ندور في تلك الحلقات المفرغة، ويدور من حولها الجمهور الذي يحتاج من يخفف عنه عبء انجاز معاملة أو إنهاء مراجعة ما في هذه الجهة أو تلك·
بعض الناس يتبعون أساليب إدارية تستند الى ان الهجوم خير وسيلة للدفاع، وهم يعملون وفق نظرية الفيلم شغال وليس المهم ما يقوله الممثلون ولكن المهم هو ان الفيلم شغال والى أن يأتي اليوم الذي نحاسب فيه كل ممثل من هؤلاء الممثلين على الأداء نقول عليه العوض·