تركت مدينة العين مساء الأمس بعد جلسة نقاش حافلة بالطروحات المتعلقة بالهوية والإعلام، الهوية حاضر ثابت، والإعلام قاسم مشترك فإذا حضرا يكون الإعلام متهماً دائماً، ذلك ماكان ضمن برنامج الهوية والإعلام الذي أقامه قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات· كانت السيارة تسرع بي عائدة إلى دبي وقت الغروب، كنت ألمح الشمس تلملم أشعتها لتندس بين ألحفة الغيم في سماء العين تلك المدينة الهادئة البعيدة عن الصخب وناطحات السحاب، تلك المدينة التي لها في القلب ذكريات جميلة تعود لأيام الدراسة والجامعة والصحب الذين تفرقوا كلٌ في طريق، لقد أشاعت في نفسي طالبات الإعلام بكل حماستهن وجريهن للسلام على حالة من البهجة وأسئلة ظلّت تتقافز أمامي وأنا أقود سيارتي في طريق العودة، أسئلة التواصل مع هذا الجيل، وأسئلة الأنشطة الطلابية التي تُقام ومقدار تلبيتها لطموحات وأسئلة هذا الجيل المبتلى بالخطير من التحديات والقليل من فرص التواصل!! لقد كان الحضور جيداً، وكانت المواضيع المطروحة على المنصات في غاية الحساسية، ليست الحساسية التي قد تخطر ببالكم، لكنها حساسية الأهمية والضرورة التي تقتضيها تحديات اليوم لموضوع الهوية وموقعه من الإعلام المحلي الإماراتي، ودور هذا الإعلام في حمل هذه المسؤولية كما يجب ورفعها على روافع من الكفاءات الوطنية المؤهلة ووفق استراتيجية طويلة النفس طويلة الأمد بعيداً عن المناسباتية!! توقفت عند مداخلة إحدى الطالبات التي اختصرت هذا النقاش الكثير في موضوع الهوية حين قالت: ''الهوية هي نحن، هي شيء فينا نحن لا نمثله وإنما نحياه من أول الصباح حتى آخر الليل، نصحو به وننام عليه، الهوية هي نحن كصلاتنا وعبادتنا وعملنا وحياتنا'' نعم الهوية هي فصيلة دمنا الثانية وجلدنا الذي ننقش عليه خريطة الوطن كلمة منذ أن نتعرف أبجدية اللغة وأبجدية الكلام! فرحت بلقاء هذا الجيل الجميل الواعد الذي رغم ما يتعرض له من تغريب وإبعاد عن جذوره وهويته عبر الإعلامات المختلفة التي تضخ على رأسه صباح مساء، إلا أنه مصر على أن يبقى إماراتياً بالرغم من الإنجليزية الطاغية على مناهج التدريس وبالرغم من البعد الكبير بين رموز الإعلام والأدب والثقافة وتواصلهم معه وبالرغم من أشياء كثيرة إلا أنه جيل يريد أن يبني تجربته بنفسه وأن يخوض غمار التحديات الكثيرة بطريقته ولا بأس من أن نتجاوز بعض شطحاتهم، فللعمر اعتبار أيضاً، لكن العمر والمستقبل أمامهم والسنوات مدرسة أخرى، ستصقل هذه الوجوه التي التقيتها مساء الأمس لتلعب دورها المتوقع في عملية البناء بوعي مختلف لكنه صحيح!! مطلوب من منظمي ومسؤولي الأنشطة الجامعية أن يمنحوا هذا الجيل فرصة التواصل مع قضايا وطنهم، ورموز وطنهم في الثقافة والإعلام والمسرح والسياسة و···· بجعل هذه القضايا عناوين ثابتة ورئيسة لكل اللقاءات والمنتديات والاحتفالات، فلا يمكننا أن نكرس الهوية والانتماء بمجرد أغنية مثلاً، نحتاج لعملية بناء وتنام معرفي مستمر، نحتاج كلنا نحن وهم لأن نتواصل لنتثاقف ولننمو معاً وليرتفع الوطن في داخلنا بشموخ نخلة لا تنثني إلا لتمنحنا ثمراً جنياً· ayya-222@hotmai.com