تختتم اليوم في العاصمة أبوظبي فعاليات المؤتمر السنوي الرابع عشر للطاقة، والذي ينظمه كل عام بتميز واقتدار وحسن ترتيب وتنظيم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وكعادة المركز في اختيار عناوين مؤتمراته، جاء عنوان مؤتمر هذا العام، ثرياً ومهماً يلامس موضوع توجه بلدان مجلس التعاون الخليجي إلى الطاقة النووية، وهو التوجه الذي أقره قادة دول المجلس في قمة الرياض ·2006 وقد جاء برنامج الإمارات النووي انسجاماً مع هذا التوجه من جهة، ولمواجهة متطلبات وتيرة التنمية المتسارعة وتنويع مصادر الطاقة من الجهة الأخرى· باعتبار أن الطاقة النووية من مصادر الطاقة النظيفة والمستقرة· وقد أشارت الدراسات والتقارير إلى أن الإمارات وبحلول العام 2020 ستكون بحاجة الى ما يعادل 40 ألف ميجاوات من الكهرباء ، وسيكون أكثر من نصفها من مصادر غير نووية · وفي هذا الإطار اعتمد مجلس الوزراء في مارس الماضي المذكرة الخاصة ببدء تطوير البرنامج وكذلك تأسيس هيئة الطاقة النووية، ومنذ الإعلان عن توجه الامارات لاستغلال وتطوير برنامج نووي لأغراض الاستخدام السلمي، وإقامة الهيئة المعنية به ، قوبل الأمر بترحيب إقليمي ودولي واسع للنهج الشفاف الذي اعتمدته الإمارات منذ البداية من خلال العمل المباشر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية· كما وقعت اتفاقيات مع دول متقدمة للاستفادة من خبراتها التقنية في هذا الميدان المهم والحيوي من ميادين الطاقة· وقد كان نهج الإمارات موضع إشادة وتقدير المجتمع الدولي الذي اعتبره أنموذجاً في التعامل لتكريس الاستخدام السلمي للطاقة النووية ودعم خطط التنمية المستدامة· وفي المقابل أدخل بعض المغامرين في الضفة الأخرى من الخليج المنطقة في أتون التوجس والمخاوف من طبيعة برنامجهم النووي الذي يحمل في طياته مخاطر جمة، في منطقة تحتاج إلى الاستقرار للمضى في مشروعاتها التنموية لتحقيق الرخاء ولازدهار لشعوبها · وهي مغامرات لا تختلف عن المخاطر الهائلة المترتبة على الترسانة النووية لآلة الحرب الاسرائيلية· إن الذي لا يضمر سوى الخير والنوايا الطيبة لجيرانه كما يزعم ، لا يصر على تهديد أمنهم واستقرارهم والمنطقة بأسرها، وهو يمضي في مغامراته ببرنامج نووي ذي طبيعة غامضة، استنفر المجتمع الدولي الذي تلمس خطورة هذا التوجه المهدد للاستقرار في منطقة استراتيجية حيوية تتقاطع فيها مصالح العالم كمنطقتنا· ويمضي أيضاً في تهديد الأمن والاستقرار وهو يواصل احتلال أراض لجيرانه· لا أحد ينكر على الآخرين الحق في تنويع مصادر الطاقة ، والاستفادة من الطاقة النووية للاستخدامات السلمية، فالأمر ليس حكرا على جهة أو بلد دون سواه، ولكن المهم في الأمر الشفافية واتباع المعايير الدولية وفق الاتفاقيات و المعاهدات المنظمة، من دون تعريض مصالح الآخرين للخطر وتهديدهم· ومفتاح ذلك كله الانفتاح الشفاف والمسؤول على المجتمع الدولي، ووكالاته المتخصصة وفي مقدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية· أما تجاهل إرادة المجتمع الدولي فلا يجلب إلا الكوارث الذي أول من يكتوي بحممها المغامرون أنفسهم ومجتمعاتهم التواقة للاستقرار والتنمية، والتي عانت من ويلات كثيرة وأهوال عديدة من أفعال لحظات غياب الوعي والعقل·