عندما ندرك حقيقة المتعة اللحظية نكون قد بلغنا أعلى مراتب السعادة الأبدية، هذه اللحظة تمثل بعدا خامسا للزمان والمكان· المتعة التي يشعر بها المشاهد لحظة استقبال المنتج الفني، متعة فكرية بحتة، لا أقصد قطع تيار المشاعر، بل مزج المشاعر مع الفكر لولادة الحكمة· والفن الذي يحرك العقول والمشاعر ضد الرغبات والأهواء الشخصية، فن يرفض المشاهد استقباله وتذوقه، لكن عندما نفصل تلك الأهواء الشخصية تتحول الريح إلى رياح تداعب أوتار العقول وتحرك أقلام النقاد نحو نقد بناء، يدون تاريخ مجتمعنا الإماراتي ويسجل مدى الوعي الثقافي الذي وصلنا إليه· الفنان المعاصر يتسم بالشمولية، أي أنه غير مقيد باسلوب أو مدرسة فنية معينة، هذه الشمولية لم تكن حاجزا أمام المشاهد لاستقبال العمل الفني بل إنها ترسم صورة واضحة لأبعاد الفكرة المختلفة، طريقة الطرح التي يتبعها الفنان توقع المستقبل في شباكها فهو مدرك لحقيقة اللحظة التي تنمو جذورها نحو الداخل· استقبال المنتج الفني لا يكون مباشرا غالبا، فالصحف، المجلات، الإذاعة والتلفزيون لها دور في تلقي الأعمال، حيث لم تعد وسائل الإعلام تمتطي جواد الأسلوب الخبري، بل هناك عملية عرض واضحة للمنتج الفني· ولا ننسى دور المؤسسات المختلفة في دعم الفن وكسر حاجز الصمت بين المنتج والمتلقي، على سبيل المثال مؤسسة الإمارات للثقافة والفنون، تطرح مشاريع مستقبلية، مثل إقامة فنان في الخارج، الفنان في هذه المرحلة مستقبل، يكون في حالة مخاض دائم بحثا عن الهوية، وأثناء البحث يدون الأحداث على شكل منتج فني ليعود ويستقبلها المشاهد العربي· نحن الآن نقطع مفهوم الفن الحديث الذي يرمي الماضي في سلة المهملات والاكتفاء بالأشكال الجديدة في التعبير، نضع بدلا عنها كلمة التهجين أي مزج القديم بالحديث من أجل إيصال صورة واضحة للمتلقي· وبذلك نركز على طريقة العرض وليس الاقتصار على التكنولوجيا المستخدمة فقط، فتكون قطعة فخار قادرة على إحداث ثورة أثناء استقبالها من قبل المشاهد والعكس صحيح· science_79@yahoo.com