بمجرد أن يقول أحدنا رأياً حتى تجد بعضنا يردده على الفور، وأقول بعضنا وليس كلنا، لأن هناك أناساً محترمين يفكرون، وليس هناك ما يمنع من أن ينسجم رأيهم مع رأي القطيع أو السادة راكبي الأمواج· أقول هذا بعد هذه الهجمة الشرسة من إخواننا المحللين الفضائيين على مباراة الوصل والشارقة التي انتهت بتعادل الفريقين 4/4 لدرجة أنها وصفت بأنها كانت ''تقسيمة بين الفريقين'' وتم توجيه انتقادات لاذعة لمدربي الفريقين وللاعبين أيضاً من منطلق أن المباراة كانت أشبه بالشوارع الدفاعية لكل من هب ودب من المهاجمين· وأقول إن هذا الرأي فيه قسوة شديدة على المباراة وعلى أصحابها، فلقد أمسك المحللون في جزء وتركوا جزءاً على طريقة ''لا تقربوا الصلاة···''· المباراة- أي مباراة- لها جانبان أحدهما دفاعي والآخر هجومي، فهل يجوز أن نتحدث عن شق ونترك الآخر؟ والمباراة- أي مباراة- فيها قيم ومفاهيم كثيرة إضافة إلى الجوانب الفنية والتكتيكية، فهل يجوز أن نغفلها؟ بمعنى آخر هل يجوز أن نلغي دور المهاجمين، وأن نلغي فجأة أن هناك ثمانية أهداف ليس من بينها هدف واحد تم تسجيله ''أستروبيا''؟، وهل يجوز أن نتجاوز عن الأداء الهجومي الذي فضله الفريقان كأسلوب من أجل تحقيق الفوز؟ وهل من الإنصاف أن نلغي بجرة قلم أو بكلمة غير دقيقة مفاهيم المباريات المفتوحة التي تطبقه منتخبات شهيرة مثل البرازيل وهولندا والبرتغال ونيجيريا والأرجنتين وغيرها المحبة للأداء المفتوح والكرة الهجومية الجميلة؟ وهل أيضاً من الإنصاف أن نحجر على الروح العالية وعلى الكفاح والإصرار من أجل تحقيق الفوز؟ إن كل هذه المعاني الجميلة لم يتوقف عندها أحد، بل ذهبنا ''عمياني'' ناحية الأشياء السلبية وركزنا عليها وكأن المباراة ليس فيها سوى الأخطاء الدفاعية فقط· لقد نسينا أن هذه المباراة الهجومية كان يحتاجها الفريقان، فلم يكن أمامهما سوى المجازفة بعد أن ساءت نتائجهما بما لا يتناسب مع مكانتيهما واسميهما، ونسينا أيضاً أن المجازفة والمخاطرة أسلوبان يتم الأخذ بهما كروياً، وأن ذلك لابد وأن تنتج عنه ثغرات دفاعية، فليس هناك اندفاع هجومي دون انكشاف لخط الدفاع في صفوف أي فريق في العالم وليس الوصل والشارقة فقط· آخر الكلام شخصياً أعتبر مباراة الوصل والشارقة واحدة من أمتع مباريات الدوري حتى الآن، وأنها لم تكن خادعة كما وصفوها، فأي خديعة تسببها المباريات المفتوحة؟ وأي خديعة تسببها الأهداف الملعوبة التي استغلت الأخطاء؟ أم أنه ليست هناك مباريات بلا أخطاء، في رياضة معروفة بأنها لعبة الأخطاء· أرجو ألا نتبع سياسة ركوب الأمواج على ''الفاضي والمليان''، وأسوأ شيء أن نردد الكلمات تماماً كما يسير القطيع، (يمين يمين، شمال شمال)·