نمط الحياة التي نعيشها في الإمارات وبالأخص فيما يتعلق بنوعية الطعام والشراب وأنواع النشاط الذي نمارسه ، يمنحنا مرتبة الشرف بلا منازع في احتلال صدارة دول العالم في الإصابة بمرض السكري والضغط وارتفاع معدلات السمنة ، لا تأتي الأمراض إلى الإنسان بالصدفة ولا تأتي من النافذة ، ولا تصيبه لأنه يتبع الأسلوب الأمثل في الحياة طبعا ، ودعونا من مقولة إنها أمراض العصر ، فلا العصر ولا أي زمن يفصل أمراضه حسب تقلبات الفصول ، يمكنك أن تصاب بالزكام أو الانفلزنزا في عز الصيف ، كما أن السكري مرض قديم جدا عرفه قدماء المصريين منذ آلاف السنين ، وعليه فالمسألة لا علاقة لها بالعصر ، إنها أولا وأخيراً فلسفة حياة ، وفلسفة طعام وفلسفة حركة ، وطبيعة مدن وبشر في علاقتهما بالكون ونظرتهما للحياة !! وزير الصحة أعلن أن الإمارات تحتل المركز الأول عربياً والثاني عالمياً في معدلات انتشار السكري ، ولأول مرة لا تحتفي الدولة بنتيجة تظهرها متقدمة وتحتل المراكز الأولى ، لأنها باختصار نتيجة سيئة ومخيفة وتدعو إلى الاستنفار ، حيث يرتبط السكري بشكل متلازم بأمراض ضغط الدم ، والقلب والبدانة ، كما أنه من أكثر الأمراض المتسببة في الوفاة ، والتي تحتاج علاجا مستمرا وباهظ الكلفة في أغلب الأحيان ، وأن تسجل دولة نتيجة قاسية كالتي سجلتها الإمارات يعني أن هناك خللاً رهيباً في التوعية المجتمعية التي يتوجب على مسؤولي الخدمات الصحية القيام بها وبشكل مكثف ، كما أنها دليل على أننا نعيش في مجتمع مهدد صحيا بواحد من أخطر الأمراض المعروفة ، وهو ما يؤثر على عمل وإنتاجية الافراد في نهاية الأمر ! يصر كثير من السيدات والرجال المصابين بالسكر على تناول كل الأطعمة التي تقطر بالسكر ، مع علمهم بخطورة ذلك على صحتهم ، لكنهم حسب تبريرهم لا يستطيعون التوقف عن أكل التمر والخبز الغارق في السمن البلدي والسكر أو العسل ، ناهيك عن كل أنواع الحلوى من العيار الثقيل وأول هذه الأنواع الحلوى العمانية المخلوطة بالجوز والفستق والسمسم إنهم لا يستطيعون مقاومة أي شيء يقود إلى ارتفاع معدل السكر في دمهم ، رغم التحذيرات والتنبيهات وابر الانسولين المقيتة وأدوية السكر الدائمة وتلك النوبات المرعبة حين يرتفع السكر أكثر مما يجب وتصبح الغيبوبة قاب قوسين أو أدنى· وحتى بعد زوال الخطر يعود البعض منهم الى عاداته القديمة، ضاربا عرض الحائط بكل الكلام وبكل القلق والخوف والأيام الصعبة التي مرت به وبالمحيطين به !! تحتاج وزارة الصحة في الإمارات ودوائر الصحة جميعها الى قيادة حملة وطنية مستمرة ومكثفة تجوب المدارس والجامعات والأحياء السكنية في كل منطقة ومدينة وقرية ، في الساحل والسهل والجبل ، في الاذاعات والتلفزيونات والصحف ، وبكل الوسائل للتوعية بخطورة هذا المرض وللتوعية بكيفية الوقاية منه وللتوعية بمكافحته بأساليب عيش متوازنة وصحية ، تلك مهمة وطنية على الجميع أن يتعاون لنجاحها كي نخرج من هذا الترتيب المسيء كأول دولة عربية وثاني دولة على مستوى العالم في انتشار السكر حتى لو أدى للمطالبة بمنع استيراد السكر وتوابعه !!! ayya-222@hotmail.com