يطرح البعض أسئلة غريبة، بينما يطرح بعضهم أسئلة محرجة أو حساسة جداً، وأكثر من يطرح الأسئلة الحرجة هم الأطفال، حيث لم ينج أحد من أسئلتهم التي تحمل إلى جانب تلقائيتها وبراءتها شيئاً من الصدمة أو المفاجأة التي تربك الكبار أمام صغارهم، ربما لم نطرح نحن عندما كنا صغاراً أسئلة مشابهة، ربما أنسانا اللعب والبحر والجري وراء النوارس وسرطانات البحر طرح تلك الأسئلة، ربما كانت لنا أسئلتنا المختلفة التي لم نبح بها وظلت مخزونة ضمن خزين الذاكرة، ذاكرة البحر والفرجان القديمة والبوابات الخشبية الصغيرة ووجوه الآباء المتعبة وأصوات الأمهات الراحلات في عروق الصمت والصبر، ربما، لكن أبناءنا يقذفون أسئلتهم ويتركوننا في خضم الحيرة والحرج ولا يمضون حتى يجدوا الإجابات· !! في برنامج تلفزيوني على إحدى القنوات المصرية، كان المذيع يناقش أحد رجال الدين في بعض القضايا الدينية الملتبسة، فاتصل به طفل، وسأل الشيخ: هل الاحتفال برأس السنة حرام يا شيخ؟ وهل بابا نويل الذي يحضر لنا الهدايا حرام أيضا؟ لقد أراد الشيخ أن يجيب وحاول أن يلف ويدور ليتهرب من الإجابة، وحين حاصره المحاور كانت اجابته غير مقنعة أبدا، ولا شك أنها لم تقنع الطفل أو من دفعه لطرح السؤال· !! يعتقد بعض الآباء أن أبناءهم أبرياء جدا للدرجة التي يخلطون فيها بين البراءة والغباء أو السذاجة، في ظني لا يوجد طفل غبي أو ساذج، يكفي أن ننظر إليهم وهم يتعاملون مع أجهزة الكمبيوتر أو الموبايل أو الأجهزة الالكترونية الأخرى المعقدة بمنتهى البساطة والفهم الدقيق، يكفي أن نلحظ نظرة السعادة والانتصار في عيونهم وهم يجدون آباءهم أو الرجال الكبار في العائلة يلجأون اليهم لتفكيك طلاسم الأجهزة الحديثة وخاصة الموبايلات، انهم أذكى مما نتصور، وحين يطرحون أسئلتهم الحرجة فلنثق أنهم قد تناقشوا فيها مطولا مع أصدقائهم وزملاء المدرسة، أو أنهم قرأوا حولها كثيرا في غياهب ''الانترنت''· !! لقد وصل الأطفال في الولايات المتحدة في زمن الحروب والتوحش الذي يعيشونه كل يوم إن إلى ارتكاب جرائم القتل في حق زملائهم في المدارس وفي حق آبائهم أيضا، صاروا في بعض الاحيان يحاكون توحش الزمن، لم يعد كثير من أطفال اليوم يشبهون اولئك الابرياء الذين ينتظرون حكاية الجدة آخر الليل ليناموا على الأوهام الجميلة والأحلام الوردية، ذلك أن عالم اليوم خال من الاحلام تماما· !! في زيارة قام بها تلاميذ مدرسة ألمانية لأحد أكبر البنوك هناك سأل ثلاثة تلاميذ في الصف السابع الابتدائي جوزيف أكرمان مدير دويتشه أكبر بنوك ألمانيا أسئلة بريئة لكنها محرجة مما اضطره للإجابة عنها في لقاء خاص مع هؤلاء التلاميذ، فقد سألوه مثلا: لماذا تضطر الدولة لدفع ثمن أخطاء رؤساء البنوك؟ وسألوه أيضا: لم نفهم لماذا رغم اخطائكم تكسبون أموالاً كثيرة بهذا الشكل ويكسب الآخرون أموالاً قليلة؟ وسألوه أخيرا: قلتم ذات مرة إن لديكم من المال ما لا تستطيعون انفاقه لكثرته، فلم لا تعطون شيئاً منه للفقراء؟ ayya-222@hotmail.com