يُنسب الى جلال الدين الرومي، الشاعر العرفاني العظيم قوله: ''قتلتني مستفعلن فاعلن فعول''، مشيراً بذلك الى القيود الثقيلة التي يكبل بها الوزن الشعر والشاعر·· فهي، لو صح قول مولانا جلال الدين، قيود فادحة بل قاتلة· وهذه الفكرة لا تؤخذ بالمطلق، على كل حال·· فهي تحتمل نقاشاً واسعاً، حتى من داخل أشعار جلال الدين الرومي نفسه·· إن جميع ما كتب جلال الدين الرومي من أشعار، سواء كان ذلك بالفارسية أو العربية، موزون مقفّى·· إما على أوزان الشعر الفارسي، أو على أوزان الشعر العربي، من المثنوي الى ديوان شمس تبريز· وكتابه النثري المسمى ''فيه ما فيه''، هو كناية عن سيرته كتبها ابنه· والأوزان الشعرية على كل حال، سواء كانت بالعربية أو الفارسية، وهي متقاربة، كانت تعتبر في النظرية النقدية القديمة للشعر، ركناً أساسياً في أركان الشعر· وهي نظرية أدبية ذات أصل فلسفي يعود الى أرسطو في كتاب الشعر نقلها الفلاسفة العرب مثل ابن سينا والفارابي وابن خلدون، فأقاموا للشعر حدين متلازمين: المخيلّة (من خلال المحاكاة) والوزن· ولا تقوم قصيدة بأحد هذين الحدين دون الآخر· الحداثة الشعرية بالطبع أجرت تعديلات على هذه النظرية، بخاصة لجهة الوزن، حيث جرّبت استبداله بجملة من التوازنات، وأنتجت قصيدة النثر بعناصرها المعروفة· السجال حول إيقاع الشعر كان ولا يزال قائماً وسيبقى ما دامت الموسيقى تتغير مع تغير الحضارة··· إن جلال الدين الرومي الذي نسب إليه بَرَمه من تفاعيل الشعر، هو نفسه الذي نظم بالعربية، القصيدة التالية ذات التفاعيل المحكمة على وزن المحدث: ''قد أشرقت الدنيا/ من نور حُميّانا البدر غدا الساقي/ والكأس ثريانا الصبوة إيماني/ والخلوة بستاني والمشجر ندماني من كان له عشق/ فالمجلس مثواه من كان له عقل/ إياه وإيانا من كان له هَمٌّ/ يفنيه ويشقيه فليشرب وليسكر/ من قهوة مولانا''·