في الإمارات ثقافات متعددة الأجناس، والبرامج الثقافية والفنية يجب أن تكون كذلك، حسب رأي البعض الذي يهمه الآخر الخارجي في المقام الأول، حيث يحاول ترسيخ هذا التوجه والرأي، لذلك يغيب الجانب المحلي في كل مشاريعه وأفكاره، وإن حضر فهو للتزيين أو حتى لا يُلام من أحد، وعادة ما يكون المحلي على الهامش أو على الحواشي غير المهمة· فقط لنتأمل المناشط الثقافية والفنية وغيرها التي مرت في الماضي القريب وأيضاً في القادم القريب من أنشطة ثقافية وفنية، كذلك دعونا نتأمل المهرجانات والمؤتمرات والاحتفالات واللقاءات والتجمعات على مختلف أشكالها· بعض الإخوة من الكتّاب تخوف من القادم، أو قدّم لوماً وتذكيراً بأن المهرجانات الفنية والأنشطة الثقافية والفنية التي تهتم بالخارج وتعمل ما بوسعها بأن يكون ذلك القادم هو الأول والأخير، بل إن العمل والنشاط والمؤتمر والمهرجان فصل له دون مشاركة المحلي أو العربي، فقط حتى يرضى الآخر البعيد ليقال إننا في قمة التحضر وإننا أرض ووطن للجميع· وعلى الرغم من جمالية هذا الطرح والتوجه الإنساني وتأييدنا جميعاً لروح الأخوة والتسامح وحب الآخر، ولكنها لدى الآخر أو البعض أفكار وتصورات خاطئة، بأن هذه الأرض مبانٍ وعمارات إسمنتية فقط، أما في الإبداع والثقافة والفنون فهي جرداء مثل الصحاري، خاصة عندما يحضر هؤلاء ولا يلتقون بفرد واحد من أصحاب الإبداع، إنما صالات ضخمة وفنادق رائعة وضيافة ولا أروع ولا شيء غير ذلك· لا نختلف في دعم الأخوة الإنسانية والأعمال الفنية والثقافية والفكرية المشتركة، ولكن غير مقبول ألا يلتفت إلى الداخل ولا أحد يهتم بأبناء الإمارات، ولا أحد يشاركهم في هذه البرامج والأنشطة بصورة واضحة ومرضية، والأهم عند أصحاب الأفكار المغتربة والمنسلخة عن الداخل هو أن يقوموا بأعمال وبرامج وفرقعات ثقافية وفنية أو مهرجانات ومؤتمرات للدعاية والإعلان حتى يقال إننا متحضرون وعالميون· قد يحضر المحلي أو العربي ولكن بصورة بائسة وهامشية، وعندها يظهر للآخر أن هذا الوطن وهذه الأرض قاحلة وخاوية، لأنه لا يجد أحداً من مبدعي هذا الوطن، حيث يقرأ بصورة مختلفة عن صاحب البرنامج والمخطط للأنشطة، مهما حضر من مسؤولين وأصحاب شركات كبيرة وتجار ومستثمرين أو لافتات واحتفالات وصالات كبيرة وعظيمة وتلفزة وإعلام· كل شيء يمكن إحضاره ووجوده، إنما شيء واحد فقط يصعب تزييفه وهو الفرد المبدع، الفنان، الأديب، الكاتب الحر، الشاعر المحلق بعيداً عن صالونات البهرجة والمثقف المبدع المنتج خارج إطار المؤسسة، هؤلاء وحدهم يمكن التواصل معهم بشفافية، قد يحضر الروائيان العالميان ''باولو كويلو'' و''جارسياماركيز'' وغيرهما من الفنانين والسينمائيين العالميين، ولكن قد لا يقابلوا أو يتحاوروا مع مبدع من الإمارات، وإنما مع تاجر أو مقاول أو مسؤول حكومي أو صاحب عقارات، وهذا الذي يهم واضع مثل هذه البرامج والأنشطة التي تقام اليوم في الإمارات، بينما المفترض أن يقابل هؤلاء مثلاً مبدعاً أو فناناً أو مسرحياً أو كاتباً غير حكومي، ولكن بعض المناشط وضعت أساساً للرعاية والزينة·