نستعد هذه الأيام لاستقبال مناسبة غالية عزيزة على القلوب، تمس شغاف الوجدان عندما تطوف ذكراها في النفس، إنها ذكرى العيد الوطني، يوم خالد يعبر عن إرادة إنسان هذه الأرض التي توحدت من بعد فرقة لتظهر في يوم الثاني من ديسمبر قبل 37 عاما، وتختصر أزمنة ومسافات، وتصبح في غضون سنوات لا تعد في عمر الأمم والشعوب، كيانا راسخ البنيان عميق الجذور، ترسخت معه وبه هوية الإمارات· واستعداداً للمناسبة تقوم بلدية أبوظبي بتركيب الزينات واللوحات والإضاءات الجميلة الزاهية، لتزدان أفراحنا، ولكن ما يحز في النفس أن البلدية التي أخذت على عاتقها نثر ونشر الفرحة احتفاءً باليوم الجميل، نغصت فرحتنا باختيار الإنجليزية على لوحات الفرح، وتختزل حروف بنيان تضمخ بعرق جهد ودم جيل الرواد المؤسسين إلى UAE، ونحن مازلنا في عام الهوية الوطنية، عام تقرر أن تكون أيامه أدوات لتكريس تلك الهوية، وهل من وعاء معبر عن هوية أي مجتمع غير لغة يكتب بها، ولسان يتحدث به، وحروف يسطر بها فنونه وآدابه وموروثاته، وتراكماته المعرفية· ليس ذلك فقط، بل مازلنا في العام الذي قررت فيه الدولة إعادة الاعتبار إلي اللغة العربية التي نص دستور البلاد على أنها اللغة الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة· مسلك بلدية أبوظبي في نشر لوحات تحمل اسم الدولة باللغة الإنجليزية، وفي مناسبة وطنية كبيرة كهذه يقودنا للحديث عن حالة الانفصام التي تعيشها العديد من الدوائر الرسمية التي يعتقد بعض الموظفين فيها أن المسألة استعراض لقدراتهم وإمكاناتهم العالية في التمكن من التواصل والتعبير باللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات، ويتناسون أن الأمر له أبعاد أكبر وأشمل تتعلق بضرورة محافظة كل منا على لغة بلاده وتعزيز وتكريس هذه الممارسة· والأمر لا يتعلق بتعصب للغة أو ضد لغة أو انغلاق أو انفتاح على هذه الثقافة أو تلك· وأوردت في أكثر من مناسبة عبر هذه الزاوية أهمية أن تكون دوائرنا الرسمية هي المتصدر لقضية تكريس أدوات تعزيز عام الهوية الوطنية، وكذلك تنفيذ قرار مجلس الوزراء بإعادة الاعتبار للغتنا الجميلة· وإذا كانت دوائر وجهات رسمية ستتخلى عن هذا الدور، فهل سننتظره من شركات خاصة؟!· هذه الشركات التي ستجد في تجاهل جهات رسمية للغة الرسمية للدولة مبررا وحجة لها في المضي فيما فيه الكثير منها من تجاهل تام للغة العربية في لوحاتها ودعاياتها ومراسلاتها ومخاطباتها حتى للوزارات والمؤسسات الحكومية· كنت أتمنى حتى على اتحاد الكرة ونحن نعيش أفراح الإنجاز التاريخي بفوز منتخبنا الوطني للشباب ببطولة آسيا لكرة القدم أن تحمل قمصان لاعبيه اسم الإمارات، وليس UAE فقط· خاصة أن مثل هذه الأشياء تكون دائما محط أنظار الجميع· وتحمل من الدلالات والمعاني الكثير، خاصة بالنسبة لنا هنا في الإمارات· وكل ما نأمل أن تستمر بلدية أبوظبي في نثر مظاهر فرحنا بأغلى أيامنا، لكن بحرف عربي ساطع، ولسان عربي مبين!·