تحدٍّ يواجه وزارة التربية والتعليم والمناطق التعليمية وهيئات الصحة، ويتعلق بكيفية جعل المقاصف المدرسية منافذ لبيع غذاء ووجبات صحية لأبنائنا· وعلى مدار السنوات الماضية وفي كل مناسبة صحية عالمية نسمع الكلام الجميل عن توجهات هنا أو هناك من دون أن نلمس تطبيقاً جاداً واستراتيجية تتعلق بهذا الأمر الحيوي والمهم الخاص بصحة الأبناء، خاصة مع تفشي السمنة بينهم وبنسب تصاعدية تشير إلى وجود خلل في غذاء الناشئة· ولعل أحدث مناسبات الكلام عن هذا الموضوع، كان بمناسبة اليوم العالمي للسكري الذي صادف يوم أمس الأول الخامس عشر من نوفمبر، حيث تسابقت الهيئة الصحية إلى تذكيرنا بأن الإمارات تحتل المرتبة الثانية عربياً من حيث تفشي هذا الداء ذي الآثار الخطيرة على الصحة العامة للإنسان، وأينما ضرب السكري تكون ضربة موجعة إن لم ينتبه المريض لدرء مخاطره بالحمية والتغذية السليمة والنظام الغذائي القويم· وقد أكد الأطباء العلاقة المباشرة والمتلازمة بين السمنة والسكرى· خاصة أن خبراء التغذية يشيرون إلى أن نسبة السمنة بين الطلاب من الفئة العمرية 7-15 عاماً تصل إلى نحو 35 بالمئة في مدارسنا· وقبل أيام تناقلت وكالات الأنباء نتائج بحث أجراه فريق علمي في الولايات المتحدة، وخلص فيه إلى أن شرايين صغار السن البدناء كما لو كانت لكبار في منتصف الأربعينات من العمر، مما يهددهم باحتمالات الإصابة بذبحة صدرية قبل أن يبلغوا العقد الثالث من العمر· القضية قبل أن تكون محصورة في مقصف المدرسة، هي رهن بخلق وعي بأهمية الغذاء الصحي للطالب والطالبة والصغار إجمالاً، وتعتمد مصالحتهم على الغذاء بعيداً عن ذلك الإقبال الجنوني على الوجبات السريعة التحضير التي تتسبب في إصابة متناوليها من الصغار بالسمنة المفرطة وأمراض السكرى وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون في الدم· ومن أبجديات خلق الوعي المنشود محاصرة تلك النوعية من الأغذية التي تسمى في الغرب ''جنك فود'' أي أنها أغذية من دون أية فائدة لجسم الإنسان إلا جلب الضرر له· وتابعنا كيف قامت العديد من المجتمعات الغربية -حتى في الولايات المتحدة، منشأ هذه الأكلات وسلسلة مطاعمها- بوضع الكثير من القيود أمامها، ومنها تقييد الإعلانات الخاصة بها وبالأخص التلفزيونية· كما قامت السلطات في بعض تلك المجتمعات بفرض ضرائب باهظة على المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة، وبالمقابل، قدمت تسهيلات وحوافز لنظيراتها من المطاعم التي تقدم وجبات صحية ذات قيمة غذائية مفيدة للإنسان· وتجهد السلطات ألا تتسرب للصغار أمراض مزمنة في مراحل مبكرة من أعمارهم تكون مجتمعاتهم في أمسِّ الحاجة إلى جهودهم وهم في ذروة سنوات العطاء· إن المسألة بحاجة إلى جهد جماعي تنخرط فيه دوائر عدة، لا أن نحيل الأمر أو نرهنه للمقاصف المدرسية، ففي الأخير بقاء الطالب أو الطالبة قربها لوقت محدود، بينما يظل باقي الوقت تحاصره الإعلانات البراقة والزاهية للوجبات اياها ومطاعمها الجاهزة على مدار الساعة لتوصيل بضاعتها الضارة إلى البيوت·