ليس مهرجان ''طيران الإمارات الدولي للآداب'' هو المهرجان الوحيد المعني بهذه السطور التالية، غير أنه الأكثر مفارقة وإثارة للدهشة، كون الجهة الراعية التي تسمى بها المهرجان تحمل اسم دولتنا، كما أنه يقام فيها، في حين غاب الإماراتيون تماماً عن الحدث! فقد أُعلن الأربعاء الماضي عن إقامة الدورة الأولى للمهرجان في فبراير العام المقبل، وحسب ما صرح به المنظمون فإن المهرجان سيستضيف كوكبة من أبرز المبدعين في كافة فروع الآداب، وقد ذكر المنظمون أسماء ضيوفهم المتوقعين، كما ورد أيضاً ذلك في الموقع الإلكتروني للجهة المنظمة، وبين كل من ذكر كضيوف متوقعين، لم أجد اسماً لأي مبدع إماراتي، سواء في مجال الرواية أو القصة أو الشعر! يهدف المؤتمر -حسب منظميه- إلى ''إقامة الجسور اللغوية، وتجسير الهوة بين المؤلفين ضمن الثقافة الواحدة، وبين القراء من ثقافات متعددة، والتعريف بالمؤلفين العرب، وإبداعاتهم أمام جمهور متعدد الثقافات واللغات، كما سيسلط الضوء على الحركة الأدبية العربية، ومكانتها خلال هذه التظاهرة الأدبية''، كما كانت قد ذكرت صاحبة فكرة المهرجان ''إيزابيل أبوالهول'' -في لقاء أجرته معها صحيفة عربية- أن ''دبي تحتضن حوالي 200 قومية وهدفنا هو توحيدهم والاحتفال بهم جميعاً من خلال برنامج مهرجان طيران الإمارات''، ويبدو أنه غاب تماماً عنهم أنهم يعيشون في دولة يعاني سكانها هوة ثقافية كبيرة بين مواطنيها والمقيمين فيها، وأن من حق المقيمين أن يعرفوا شيئاً عن ثقافة وأدب من يعيشون في بلدهم، وأن هناك خصوصية فكرية ثرية في الأدب الإماراتي لن يجدوها في المتاحف المتحجرة وما تحويه من مفردات صامتة· وكما هو من حق المقيمين، هو أيضا حق للمبدعين الإماراتيين أن يجدوا لهم مساحة داخل الفعاليات الأدبية والثقافية التي تقام على أرضهم، وان تُتاح لهم فرصة لكي يعبروا بأنفسهم عن تجربتهم التي جعلت من إماراتنا مكاناً مختلفاً على سطح الأرض تعيش فيه كل هذه القوميات بسلام، وكما ذكر منظمو المهرجان أنه حدث سيعكس الإرث الثقافي لجميع الجنسيات التي تشكل سكان الإمارات، فالأولى أن يكون للإرث الثقافي الإماراتي المتمثل في الأعمال الأدبية لأبنائه مكان فيه، بل مكان متقدم، فإذا لم يكن لهم مكان هنا على أرضهم، فلا أعتقد أن يكون لهم مكان في الإرث الإنساني· لقد أثار ''مهرجان طيران الإمارات الدولي للآداب'' مفارقة لفظية صارخة، بحمله اسماً لا يعبر عن مضمونه، فيما تبقى ''مفارقة الموقف'' في باقي المهرجانات التي تقام في الدولة، فهل من مجيب؟! ؟؟؟ عندما أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة دعوته بجعل سنة 2008 عاماً للهوية، قصد بها تعزيز تواجد الهوية الإماراتية في كل ما يقام على أرض الوطن، تعزيز ذلك الشيء الجوهري والمشترك بين أبناء الإمارات من خصائص نفسية ومعيشية وتاريخية، ذلك الشيء الذي يميزنا عن غيرنا من الثقافات الإنسانية، فهل هناك من هو أقدر على هذا الفعل من الأدباء والمبدعين الإماراتيين؟!· als.almenhaly@admeida.ae