قضت محكمة مصرية يوم 25 فبراير 2008 بالسماح لأول مرة لامرأة بالقيام بعمل المأذون الشرعي في مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية بدلتا النيل، حين قامت بتعيين أمل سليمان عفيفي سليم (32 عاماً) الحاصلة على درجة الماجستير في القانون، مما جعلها أول امرأة مسلمة تعقد زواجاً في تاريخ مصر والعالم الإسلامي· وفي حيثيات التعيين قالت المحكمة إنها منحت أمل هذه الوظيفة لأنها كانت المرأة الوحيدة التي تقدمت لشغلها ضمن عشرة رجال لم يكن أي منهم يحمل درجة الماجستير· مع ذلك فقد ثارت العاصفة في مصر يومها، وتحولت أمل عفيفي بين عشية وضحاها الى فتاة غلاف والموضوع الرئيسي في أغلب المجلات النسائية في طول العالم العربي وعرضه، وصارت نجمة البرامج التلفزيونية واستطلاعات الرأي، بمعنى آخر أصبحت مالئة الدنيا وشاغلة الناس كالمتنبي تماماً· يومها وأنا أتابع ذاك الجدل الذي بدا عنيفاً حول جواز أو عدم جواز تعيين امرأة مأذوناً شرعياً، تساءلت كثيراً: ما هي مشكلة هذا العالم الحقيقية مع المرأة؟ هل القضية اختلافات رأي وتناقض فتاوى أم مقاومة فعلية لتغلغل النساء في المؤسسات الإسلامية؟ هل هو الخوف على النساء أم من النساء؟ هل للجهل والمستوى الاقتصادي والثقافي علاقة بكل ذلك؟ هل هو الخوف أم التمييز أم النظرة الدونية لها؟ هل هو تدين حقيقي ودفاع عن أصول الدين الذي يرى بعض المعارضين أنه ينتهك بهكذا تعيينات أم مقاومة التغيير لا أكثر، حيث سيسحب هذا التغيير البساط من تحت أقدام الكثيرين وعلى مستوى ممارسات كثيرة ضد المرأة؟··· ما هي المشكلة بالضبط؟ لقد أصبحت فاطمة سعيد عبيد العواني (33 عاماً) نهاية الأسبوع المنصرم مأذوناً شرعياً حين أصدرت دائرة القضاء في أبوظبي قراراً بتعيينها في هذه الوظيفة بدائرة القضاء في أبوظبي، حيث اعتبر هذا القرار الأول على مستوى الخليج والثاني على مستوى العالم العربي والإسلامي بعد مصر، ما منح المرأة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي سلطة إبرام عقود النكاح والطلاق، ما سيفتح الباب لمزيد من الجدل حول دور المرأة في المؤسسات الدينية من جهة، ومن جهة أخرى سوف يصير تغلغل النساء في كل الوظائف أمراً اعتيادياً تفرضه ظروف التغيير، وشيوع فكرة الحقوق المدنية ونبذ التمييز بسبب الجنس وخلافه، ما لم يتعارض عندنا في العالم الاسلامي مع نص صريح في القرآن والسنة، ذلك أنه لا اجتهاد مع نص· لا أدري ماذا أثار التعيين الجديد من تساؤلات لدى الرجال، ولا أدري ما قد يترتب عليه من مواقف، لكنني قرأت عن ذلك الشاب المصري الذي سمع شيخه في المسجد يقول إن تعيين امرأة مأذوناً شرعياً في مصر لا يجوز، بل هو حرام، فخرج ليقول لإحدى وكالات الأنباء حين سألته عن رأيه انه يعرض ذلك وبأنه لن يسمح لها بأن تعقد قرانه، لأنه سيكون عقداً باطلاً· المسألة عندنا تأخذ شكلاً أكثر هدوءاً ما يعجل في سرعة التغيير وما يجعل تقبل المجتمع أكثر مرونة وديناميكية، وجميل أن ننظر للمسألة على بساطتها، وعلى أنها خطوة متقدمة جداً حكومياً واجتماعياً، أما الاكثر تقدماً فهو مرونة المجتمع تجاه هذه القفزات التي تأتي ليس لصالح المجتمع فقط وإنما لصالح المجتمع ككل· ayya-222@hotmail.com