قبل سنوات ليست ببعيدة، وقبل انتشار مقاهي الإنترنت أو''الإنترنت كافيه'' بهذا الشكل الكثيف التي هي عليه اليوم في معظم المناطق التجارية والسكنية منها ، سقط بيد شرطة أبوظبي مجموعة من البالغين المنحرفين كانت تجند شلة من المراهقين تنتشر في محال الالعاب الإلكترونية، وتلتقط من داخلها أغراراً ممن هم بحاجة الى المال لمواصلة اللعب في تلك الامكنة، وتقوم بعد ذلك بتوصيلهم الى المجموعة لإرضاء نزواتها المريضة والمنحرفة· استحضرت هذه الواقعة بينما تبرز امامي وبصورة يومية مشاهد تجري في بعض مقاهي الإنترنت اليوم· وقد ألمحت اليها ذات مرة وتلقيت اتصالا وتجاوبا سريعا من شرطة أبوظبي· ولكن يبدو أن البعض من اصحاب هذه المقاهي، وحتى بعض أولياء الامور والاسر يريدون تخصيص شرطي لكل منها حتى يقوم بتربية أبنائهم بدلا منهم، وهذه قمة الاتكالية التي وصل إليها هذا البعض الذي لا يعرف أين تقضي فلذات أكبادهم اوقات فراغها· في الكثير من دول العالم التي زرتها أقصد مقاهي الإنترنت لبعض الوقت لمتابعة بريدي الإلكتروني أو الاطلاع على بعض المواقع الإخبارية العربية، فأجد أن جل هذه الامكنة يقصدها باحثون وطالبو علم ومعرفة، تتسم بالهدوء البالغ· بل إن بعضها لا يسمح لك باستخدام التسهيلات الموجودة بها إلا بعد أن تطلعه على هويتك كما حدث معي في مدينة فلورنسا الإيطالية· أعود مجددا لطرح هذا الموضوع جراء إصرار البعض سواء بقصد أو من دون قصد الى تحويل مقاهي الإنترنت لمعول هدم في جسم المجتمع، وهو يستهدف الناشئة، والكتاب كما يقال ''المكتوب يقرأ من عنوانه'' ، إذ يقومون بصبغ واجهات اماكنهم بطلاء كثيف أو مخفي شديد الإعتام حتى لا ترى ما يجري في الداخل· وعندما تدخل تجد الدخان الكثيف يكاد يخنقك، كما لو أن المشهد من أحد اوكار المخدرات في الافلام العربية، وتستغرب كيف تسكت بلدية أبوظبي عن التدخين في أمكنة يتردد عليها الصغار وتخالف أماكن اخرى كمحال الحلاقة· اما عن الالعاب الموجودة في تلك المقاهي فكلها إن لم تكن الغالبية العظمى منها، هي العاب دموية تمجد العنف والقتل والفتك بالآخرين· ثم نتساءل بعد ذلك عن سر هذا العنف والتصرفات والسلوكيات العنيفة التي أصبح عليها صغارنا اليوم· وكل هذه الامكنة يختلط فيها الكبار مع الصغار الذين تجد الكثيرين منهم لا يسعفهم مصروفهم اليومي الضئيل في إشباع نهم لعبة الكمبيوتر المتعطشة للدراهم بالعشرات، كما هي متعطشة للدم، فتجد بعض هؤلاء يتسولون المال من اجل إكمال لعبة· بعض هذه الأمكنة يفتح أبوابه 24 ساعة، فمن الذي يتردد عليه في تلك الساعات المتأخرة سوى بعض المراهقين الفارين من بيوت ذويهم ووجدوا مستقرا فيها بعيدا عن رقابة الاهل · إن شرطة أبوظبي ذات المبادرات المتميزة في مجال الشرطة المجتمعية مدعوة لوضع حد لما يجري في بعض مقاهي الإنترنت تلك لحماية النشء والمجتمع، وقديماً قال الشاعر: متى يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ؟