بانتخاب باراك أوباما تنفس الجميع الصعداء، ليست أميركا وحدها، وليس فقراء كوجيلو القرية الصغيرة الواقعة غرب كينيا حيث تعود جذور أوباما وحيث تعيش جدته لأبيه، وليس الناخبون الأميركيون ولا كوادر الحزب الديمقراطي ولا أنصار التغيير فقط، لقد تنفس التاريخ نفسه الصعداء فجر أمس بمجرد الإعلان الصريح والكاسح لفوز هذا الشاب القادم لحكم القوة العظمى من أصول أفريقية، كان فوز أوباما مشرفاً لا يشبه ذلك الفوز الذي أتى بجورج بوش الابن للحكم ذات يوم حالك من تاريخ العالم· بفوز أوباما ينتصر تاريخ من النضال يعتبر أوباما اليوم أحد رموزه لصالح الحقوق المدنية والمساواة والعدالة الاجتماعية، لقد شكك الجميع في وصول الشاب الأسود إلى حكم أميركا التي على الرغم من ديمقراطيتها وليبراليتها ودستورها العظيم إلا أنها كما قال المشككون ما زالت مبتلاة بجرثومة التمييز العنصري حتى العظم، وبأن كل ما يحدث شعارات و''بروبوجندا'' لا أكثر، لكن حين يجد الجد سينقلب السحر على الساحر، لقد فاز أوباما وكان ماكين أول المهنئين والمعترفين بالهزيمة !! إذن فقد بدأ تاريخ التغيير حقاً وليس وهماً أو شعارات كتلك التي نمضغها ليل - نهار في عالمنا العربي حول أوهام الديمقراطية وأحزاب المعارضة والصحف الليبرالية وتمكين المرأة وحقوق الإنسان، وعليه فإنه يحق لنا في كل العالم أن نفرح قليلاً لأن زمان بوش المر قد ولى إلى غير رجعة ، بعد أن عانى العالم من حكمه وحكم الجمهوريين وتحديداً المحافظين الجدد الكثير من الويلات والانتهاكات والمآسي، وما عاد مجال لأكثر مما كان، آن الأوان حقاً لرحيل الساعين للحروب، الباحثين عن النفط مقابل الدم، والباذرين جهات الأرض معارك وصراعات وفتناً طائفية، لقد تعبنا حقاً، كان زمناً يا بوش لكنه زمن متوحش وكريه جداً! تحدث إلي أحد الأصدقاء حول انعكاسات فوز أوباما فقال: وماذا سأستفيد أنا من هذا الفوز؟ قلت له: لم يأت أوباما ليحقق لك شيئاً من الأساس، أنت لم تنتخبه ولم تأت به للرئاسة فلماذا تستفيد منه ؟ قال لماذا أنتم منشرحون لفوزه إذن: قلت أنا فرحت نكاية ببوش والمحافظين والجمهوريين هذا أولاً، ولأنه فوز رجل من جذور أفريقية بمنصب رئيس الدولة العظمى التي كانت ذات يوم تساوي بين السود والحيوانات وتمنع اختلاطهم بالبيض في المطاعم والحافلات وغيرها!! ، فوز أوباما معناه طريقة مختلفة لتسيير دفة السياسة الخارجية حتى وإن سلمنا جدلاً بأن هذه السياسة محكومة بالمصالح العليا للولايات المتحدة وبأنها ثابتة، فالحفاظ على مصالح الدولة شيء والعبث بمصائر الشعوب عن طريق الكذب والتلفيق شيء آخر تماماً لا علاقة له بالمصالح أبداً، نأمل أن تعود السياسة فن الممكن لا فن القتل المقنن للعرب والمسلمين لمصلحة الأغنياء وتوحش الرأسمالية والأسواق والشركات العابرة للقارات، معناه أننا قد نحظى بهدوء عالمي حرمنا منه رجل لم يميز يوماً بين زعماء المافيا وأطفال العراق الأبرياء ونسائه وفتياته وعلمائه· الرئيس الأميركي السابق جورج بوش: وداعاً !! ayya-222@hotmail.com