يوم أمس كانت وزارة التربية والتعليم في اختبار صعب، بعد أن قررت وضع حد لإجازات الأمر الواقع التي يمارسها الطلاب بعدم التزامهم بالدوام المدرسي في الأيام التي تسبق الإجازات الرسمية أو تلك التي تقع بين يومي عطلة رسمية· إلا أن الجدل الواسع النطاق الذي جرى خلال الأيام القليلة الماضية، مرده عنصر المفاجأة في القرار الذي اتخذته الوزارة بشأن دوام الأمس عوضا عن تعطيلها هي للدراسة في يوم 28 سبتمبر الماضي، وأضافته الى عطلة عيد الفطر المبارك، دون أن يطلب منها أحد ذلك، ولكنها أي الوزارة ومن واقع تجربتها مع إجازات الأمر الواقع التي يمارسها الطلاب بادرت بخطوة التعطيل في ذلك اليوم التي فاجأت بها الميدان التربوي، كما فاجأته للمرة الثانية بفرض دوام يوم أمس· لا أحد يختلف مع الوزارة في حرصها على تعويض الطلاب ما فاتهم من المنهاج الدراسي، ولكن أسلوب المباغتة في اتخاذ القرارات يعطي مؤشرا ويقدم درسا مجانيا للطلاب قبل غيرهم في الارتجال وعدم التخطيط، فالأيام معروفة والمناسبات محددة سلفا، وكلها أمور بالإمكان التخطيط لها مبكرا دون هذا الإرباك والضجة الواسعة التي واكبت قرار دوام الأمس، لدرجة أن مسؤولي بعض المناطق التعليمية أنفسهم لم يكونوا يعرفون ماذا هم فاعلون؟ فالقرار اتخذ دون حتى التنسيق مع شركاء الوزارة مثل مؤسسة الإمارات التي تتولى نقل الطلاب والطالبات، وغيرها من الجهات، وحتى المعلم والإداري الذي جيء به على مضض في يوم إجازته الرسمية والمعتمدة· وإذا كان البعض يرى في القرار أنه أبعد من مجرد إلزام طلاب بالحضور لتعويض يوم فائت، فإن غرس قيمة الالتزام واحترام الوقت وتحمل المسؤولية كان يجب أن يواكبه تقديم نموذج لهم في حسن التخطيط والترتيب، والدليل وجود مدارس لا تزال تعاني من غياب مدرسين ومدرسات في مواد أساسية· إن تفاوت نسبة الالتزام بالحضور بين صفوف الطلاب في المدارس أمس ما هو إلا جزء من صور الجفوة القائمة داخل البيئة المدرسية، خصوصا بين الطلاب والعملية التعليمية التي تستهدفهم، والشريحة الأعظم منهم تتعامل مع هذه العملية كما لو أنها أشغال شاقة مفروضة عليهم، تعامل وشعور يعد ثمرة ونتاج تجارب عدة مرت بالعملية التربوية والتعليمية· ومعالجة هذه الجفوة هي مفتاح مصالحة الطلاب مع بيئتهم التعليمة، بعدما ساهمت المناهج المرهقة وأساليب التعليم في تعقيد تلك العلاقة، وجعلت حتى الطالب المجتهد شخصا معزولا داخل محيطيه الأسري والاجتماعي· إن ما جرى يوم أمس، والضجة الكبيرة التي جرت قبل نهاية الأسبوع الماضي بسبب قرار الدوام يجب أن يكون مناسبة للوزارة لإعادة تخطيط أيام الدراسة المتبقية من العام الدراسي الحالي، خصوصا قبل عطلة نصف العام، لاسيما أن شهر ديسمبر المقبل سيكون حافلا بالأعياد والعطل المدرسية· والتخطيط المسبق سيريح كلاً من الطالب ومدرسته لتعويض أي تأخير في الانتهاء من المقرر الدراسي بعد أي عطلة