من المستحيل أن تدخل كلمة ''لو'' في أي دراسة تاريخية جادة، أو حتى قراءة سطحية للتاريخ· لكن أداة التمني هذه تفيد في القراءات المستقبلية واحتمالاتها· فـ ''لو'' جلس استراتيجيو القوة العظمى في غرفة سوداء، يخططون لمستقبل العالم ومصير البشرية، لكان عليهم أن يقلّبوا الاحتمالات على وجوهها، مستخدمين ''لو'' في كل معانيها السالبة والموجبة· سابق الروائي الأميركي جورج أورويل الاستراتيجيين في ''سرد'' أحداث المستقبل، عندما كتب روايته ''''1984 والتي جرى توزيعها عام ·1948 يومها اتهمه النقاد بالعشوائية وأنه اختار كتابة التاريخ بطريقة عكسية· لكن بعد أكثر من نصف قرن يجيء الكاتب الأميركي ''تيد ريل'' مؤلف كتاب To Afghanistan & Back ليكتب دراسة تحت عنوان:''البحث عن عدو ـ بين جورج بوش وجورج أورويل''، معيداً فيها الاعتبار للأمنيات في صياغة العالم· تجد الدراسات المستقبلية من يدافع عنها، باعتبارها قائمة على أساس علمي، وهي أداة فاعلة بأيدي القوى الغالبة تستشرف بها طرقها للهيمنة· بعكس قراءة جورج أورويل الاستشرافية·· وبعكس قراءة عبد الرحمن بن خلدون التقريرية التحليلية، ماذا كان سيكون حال العالم ''لو'' لم يجر ما جرى؟ لو لم يرتكب آدم خطيئته الأولى، لما حل بالبشرية إثمه من بعده·· لو لم يخترع الإنسان الأول أدوات حاجاته اليومية، لما اضطر إلى خوض صراعات عنوانها المصلحة والنفوذ والقهر·· لو لم يخترع الفينيقيون الحرف، كما يزعمون، لما نشأ بين الناس التفاوت الثقافي، ولما احتاجوا إلى الترجمة، ولما ظهرت هذه المقالة·· لو لم يكتشف كريستوف كولومبوس القارة الأميركية، لما استطاع جورج دبليو تقليد جورج أورويل بطريقة عنيفة·· جاء في الأخبار أن فريقا من علماء الآثار الإسرائيليين، اكتشف، نتيجة تحليل لأحجار من الصوان في موقع أثري على ضفة نهر الأردن، أن الحضارات القديمة تعلمت كيفية إشعال النيران منذ 790 ألف عام، وعلى التحكم فيها ونقلها، ما يعتبر نقطة تحول سمحت لهم بالإقدام على المغامرة في أراضٍ غير معروفة· لو قرأنا هذا الخبر بالطريقة المعكوسة، وهي الطريقة الوحيدة المتاحة بين أيدينا لتصحيح التاريخ، بعدما فشلت كل الطرق الأخرى، لجاءت النتيجة على النحو التالي: لو لم تقم إسرائيل لما تمكنت من إحداث الحرائق في محيطها·· adelk85@hotmail.com