كل شىء يتغير حولنا في العالم الذي تتسارع إيقاعات تقدمه يوماً بعد يوم· انتقلنا من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات، ومضينا في عصر المعلومات إلى آفاق لم نكن نحلم بالوصول إليها، وأصبحت المعلومات نفسها صناعة من الصناعات بالغة التقدم، خصوصاً بعد أن أصبح العالم كله يجني ثمار أعظم ثورة عرفها الكوكب الأرضي في الاتصالات التكنولوجية وما بعدها، وكانت النتيجة أن وصل تدفق المعلومات، ومعها أشكال المعرفة، إلى درجة مذهلة لم يشهدها العالم من قبل، فأصبح بوسع الإنسان بتحريك أزرار جهاز الكمبيوتر أن يدخل عالماً لا نهاية لحدوده من المعرفة الإنسانية، وأصبح كل تراث الكوكب الأرضي، وما أنجزته البشرية عبر تاريخها الطويل من المعارف والعلوم متاحاً لكل طالب، يتولى تشغيل أصابعه لكي يفتح العالم العجيب الذي يقوده إليه الإنترنت، وأصبح في إمكان كل إنسان أن يكون له موقع من مواقع الـنفكم قًُُ، وأصبح نشطاء المعرفة يحققون عبر ''النت'' ما كان يستحيل علينا تخيله منذ سنوات، وأصبحوا كذلك قوة فاعلة لا يستهان بها في الاحتجاج السياسي، أو عمليات تبادل المعرفة، وأصبح ما تعارفنا عليه باسم الواقع الافتراضي حقيقة لا خيالا، بل إنه أصبح موضوعاً لأحدث نوع من أفلام الخيال العلمي وأفلام المغامرات على السواء، وتواصلت جوانب الكرة الأرضية بفضل ثورة الاتصالات المذهلة، وما تحققه كل يوم، وكل ساعة، من إمكانات غير مسبوقة في تبادل المعرفة، جعلت الكوكب الأرضي قرية كونية صغيرة بالفعل· ويعني ذلك كله أن تقدماً مذهلاً حدث في مدى أدوات إنتاج المعرفة وعلاقاتها، ويحدث ذلك كله وعالمنا العربي السعيد لم يزل على حاله، ليس طرفاً في إنتاج ما يحدث من تقدم يشبه الأحلام، ولا قادراً على الإسهام في إنتاج المعرفة الإنسانية الجديدة أو صناعتها التي أصبحت مصدر دخل لدول كانت محسوبة على العالم الثالث لعهد قريب، وأخذ هذا العالم يسمع عن صناعة البرمجيات، وما أصبحت تحققه من دخل في بلد مثل الهند، وأشكال القرى الذكية التي تتسابق حتى الدول النامية على إنشائها، وتحويلها إلى مصدر من مصادر الدخل القومي، وكل ذلك يحدث وخطابنا المعرفي والثقافي، نحن العرب الأمجاد، لم يتغير جذرياً عما كان عليه منذ نصف قرن أو يزيد