تجربة مشاهدة مباراة نسائية في كرة القدم لا تعادلها تجربة، هي فاصل جميل ومضحك ستعيشه لوحدك، ومع شطط تفكيرك، ولن تشاهد أحداث المباراة، خاصة إن كان تفكيرك شرقياً محضاً، والفريق كان نسائياً عربياً مفترضاً أو تخيلياً، على الرغم من وجود أكثر من منتخب عربي في كرة القدم ولعبات أخرى، وعلى الرغم من البطولات النسائية والمنتخبات العالمية للنساء، إلا أن النساء غير مقتنعات بالفكرة من أساسها، على الرغم أن اللاعبين الرجال في كل العالم يحسدون على دخولاتهم المالية وأضواء الشهرة والبريق الإعلامي والاجتماعي، إلا أن لاعبة المنتخب الألماني عندها فكرة تدحض ذلك، فقد تخلت عن البريق الرياضي، لأنه لم يأت بهمه، واتجهت إلى الإغراء، وهو لعبتها الأولى، وسلاحها الذي تحبذه في مجالدة الحياة· دعونا نعلق على المباراة الافتراضية الجارية رحاها في صالون، عفواً في استاد رياضي، فأول شيء لافت للنظر غير وجود حشد نسائي، أن المباراة تخلو من أي حماسة، وفاترة طوال شوطيها، ويفترض أن تكون مباراة النساء من شوط واحد، أو ''شورت واحد وقصير'' فالكرة تشعر أنها تائهة، ولا واحدة تكلف نفسها عناء متابعتها أو الجري وراءها، فكل واحدة متكلة على أختها، ثم أنه من الصعوبة أن تسكّن اللاعبة الكرة بصدرها لظروفها الاجتماعية والفنية، وصعب أن تضرب الكرة بالرأس خوفاً على التسريحة، والرفعة الطويلة تحتاج لعضلات قوية في القدم، وهي''شوتتها على قدها'' إذا لم يكن الرفس موجهاً نحو الزوج في الأساس، أما إذا احتكت لاعبة بأخرى، فربما تنتهي الأمور بالعض والصراخ، واللطم، وشد الشعر، والتخميش بالأظافر، وستجد اللاعبة تغار من ملابس غريمتها، ولون الفريق الثاني، ولاعبة أخرى منهن لو شهر الحكم - وهي امرأة مثلها- في وجهها البطاقة الحمراء، فربما لن تخرج من الملعب، لأن اللون لا يعجبها، أو لأن الحكم يغار من جمالها، أما إذا رفعت حاملة الراية رايتها، فستصرخ اللاعبة في وجهها: لماذا لم ترفعها في وجه اللاعبة فلانة أم حب الشباب في الوجه، وإلا أن الدنيا ''بغايا وشفوف''، أو سترفع صوتها بأن رافعة الراية ما ''تدانيها'' وإذا صار أي احتكاك بين اللاعبات، فستسمع مسبة الأب، والأم، والمعايرة بالقبح، وسواد الوجه، أما بعد المباراة فسيتم ''القرض'' والنميمة، والحكي على فلانة من اللاعبات، وعلانة من طاقم الحكام·· وستنسى المباراة تماماً· لو رضيت أن تكون ''أوبك'' هي الراعية الحقيقية للفيفا، أو للمشاريع الحضارية القديمة، في المدن القديمة، وطرق صيانتها والمحافظة عليها، أو تبنت معالجة الإيدز في أفريقيا، أو ساندت الأمم المتحدة في أعمالها الإنسانية في دارفور، فهل ستصبح ''أوبك'' منظمة إنسانية، تشبه منظمة أطباء بلا حدود أو الصليب والهلال الأحمر أو اليونسكو لماذا منظمة الدول المصدرة للنفط بعيدة كل البعد عن العمل الإنساني والحضاري لماذا يشعر الناس أنها تشبه الأسلاك والمعدن، وأنها شركة ناهبة، لا تعترف بالفقير أو المريض أو وطأة الخوف عند الإنسان من الحرب والجهل ، دائماً ثمة شعور أنها خلقت لتأخذ، وأنها ضد الإنسانية، أو على أقل تقدير أنها من كوكب غير كوكبنا، أو ممثلة لجرم سماوي حل على كوكبنا، لا أعرف لماذا لم تفكر هذه المنظمة أن تشاطر الإنسان الساكن هذه البسيطة في جزء من حياته، أو تحاول أن تحسن وجهها، وتخفف من وطأتها ودوسة قدمها، وسعر برميلها، لو كانت ''أوبك'' خلال تاريخها قد فعلت ذلك وأصبحت جزءاً من رياضة الشعوب أو ثقافاتها أو فنونها أو جزءاً من محرك حياتها، لكانت اليوم وجهاً جميلاً، ويداً بيضاء يصافحها الجميع من سكان الأرض·