يبدو أن المؤتمرات العربية التي يفترض أنها تعقد لمناقشة القضايا الكبرى للإنسان العربي إمرأة كانت أو رجلاً لم تخرج حتى اليوم عن نطاق مجالين في الغالب: العلاقات العامة والبيزنس!! حيث تظل هذه المؤتمرات فرصة جيدة بل وممتازة للقاءات والتعارف وتبادل البطاقات التعريفية الشخصية أو ما يعرف تداولاً بالبيزنس كارد، بينما لا يفوت بعضهم أو بعضهن فرصة اقتناص صفقة هنا وصفقة هناك!! دائماً ما أتساءل لمن تعقد هذه المؤتمرات حقيقة؟ من هو الرابح الأكبر في هذه المؤتمرات؟ قضية المرأة في الإمارات مثلاً لم تحظ بهذا الكم الهائل من المؤتمرات النسائية، إلا أن مؤتمراً نوعياً ومهماً كمؤتمر قمة المرأة الثالث الذي سينعقد في العاصمة أبوظبي خلال الشهر المقبل وبحضور 15 من السيدات الأول ما يشكل دعماً كبيراً لقضايا المرأة عامة والإماراتية على وجه الخصوص، وبالرغم من ذلك فقد حققت الإماراتية انجازات ضخمة أكثر بكثير من تلك الدول المعروفة بعراقة مسيرتها الديمقراطية أو تلك الدول التي خاضت فيها المرأة مسيرة نضال لا تنكر!! لماذا؟ في الإمارات لدينا مسيرة تنمية لا مسيرة صراع وفي هذه التنمية تتصدر المرأة الواجهة بشكل واضح، فاذا ابتعدنا عن السؤال التقليدي والتشكيكي الدائم: هل دعم الحكومة للمرأة وتمكينها يأتي لأغراض ديكورية متسقة مع الموجة العالمية المهادنة للضغوطات الخارجية، أم أن هذا الدعم حقيقي نابع من قناعة بدورها وأهمية مشاركتها؟!! بعيداً عن هذا السؤال علينا أن نقر بموضوعية أن المرأة الإماراتية قد نجحت في إنجاز مشروع نهضوي نسائي بامتياز قياساً بعمر الدولة وبالتجربة الحديثة للعمل النسائي وبمحدودية النماذج السابقة، والرموز التي عادة ما تشكل قاعدة مهمة للانطلاق، المرأة في الإمارات انطلقت من ما يشبه الصفر التنموي الحداثي إن جاز التعبير، التعليم كان دينياً تقليدياً، الأعمال الممارسة كانت تقليدية متناسبة ومجتمع اقتصاد الكفاف القائم على الغوص والزراعة وبعض الأنشطة البسيطة، نعم كانت فاعلة بما يتناسب وذلك المجتمع لكن مسيرة اليوم تختلف بمقدار 180 درجة، وما حققته المرأة لم يأت جله كهبة حكومية بحتة، لقد تعبت المرأة الإماراتية خلال العقود الماضية لتصنع إنجازها الحالي الذي ماكانت لتتسارع وتيرته لولا دعم الحكومة وإتاحتها الكثير من الفرص والمساندة· ربما يرى البعض في ذلك أمراً لايبشر بمسيرة ناضجة أو قائمة على وعي الحقوق والمكتسبات، لكن الحقيقة هي أن الوعي ليس مهمة الحكومة فقط إنها مهمة المرأة والإنسان الإماراتي بشكل عام، قد توفر لك الحكومة الكتاب المدرسي لكنها لا تسقيك الثقافة، وقد تمنحك قرضاً للزواج لكنها غير مطالبة بغرس الشعور بقداسة الحياة الزوجية في وجدانك، تلك مهمة الأسرة، الأم والأب، ومهمتك تجاه نفسك!! أزعم بأننا نطالب الحكومة أحيانا بتأدية مهام ليست من وظائف الدولة حتى وفق علم السياسة وفلاسفة الحكم، ربما يتوجب عليها أن ترفد مسيرة التربية بمناهج واستراتيجيات تعلي منسوب الوعي وتنميه، وتبقى عملية القناعة بهذا الوعي مسألة شخصية وقناعة فردية بحتة أظن بأن كثيرين لا يعبؤون بها كما ينبغي!! ayya-222@hotmail.com