لا توجد دولة في العالم، كبرت أم صغرت، في منأى عن الخطر·· فالأمن للجميع كما هو الخطر يداهم ويساهم في زعزعة استقرار العالم، وتحويل المجتمعات البشرية إلى حالة من الذعر وعدم التوازن، واختلال في الأمن واعتلال في الأمان، وزلزلة وبلبلة في المكان· ويأتي احتضان دولة الإمارات لمؤتمر الأمن العالمي مواكباً ومناكباً ومصاحباً لمؤتمرات أخرى عقدت على أرض الإمارات وتهدف جميعها إلى وضع السياج المنيع لحماية العالم، والحفاظ على مقدراته وصيانة قدراته وتلبية حاجاته من الطمأنينة والاستقرار والسير بلا عقبات ولا نكبات نحو تحقيق أفضل مستوى في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية· أمر أصبح ملحاً وضرورياً أن تقف دول العالم أجمع كتفاً بكتف، ويداً بيد، لصون الحياض وردع الارتضاض، ومنع الانخضاض، وتأمين حياة آمنة مطمئنة راضية مرضية لجيل قادم يحلم بإشراقة بلا فاقة، ويأمل بتطور بلا تخور، ويتمنى العيش الرغيد بلا تهديد أو وعيد أو تكبد أو تشدد أو تجرد من القيم الإنسانية الرفيعة· ودول العالم مدعوة الى رص الصفوف ورفع الكفوف من أجل أرض خضراء، هيفاء، نجلاء، لا تغشيها غاشية، ولا ترهقها حاشية، أرض تنمو وتزدهر بسواعد المخلصين الصادقين، المحبين العاشقين للحياة، القابضين على مرساة الرسو، المتلفعين بشراع النهوض والانطلاق تجاه المستقبل المشرق المتألق المتأنق بلون البهجة والسرور والحبور بلا شرور أو متربص غدور· اليوم أصبح على العالم أن يعي دور الأمن ومكانته في صناعة الغد، وتمكين العهد والوعد من إحالة الأيام إلى أحلام وردية زاهية صافية متشافية متعافية من درن الانهيار والاندحار· عالمنا مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يعد العدة، ويسير في تؤدة بلا توتر أو تخثر أو تعثر أو تبعثر، لإرواء الأرض بالماء لا بالدماء وتوفير الحياة الهانئة لشعوب العالم أجمع، فالفقر في بلد لابد وأن تتداعى سائر الدول، وتصاب بنفس الداء إذا ما تركت دولة من الدول تئن تحت وطأة العوز والجهل والمرض كذلك، أمور لا يمكن التبرؤ منها، ولا يمكن الاعتماد على القول المأثور ''إذا سلمت أنا وناقتي ما علي من رباعتي''·· لا، بل إن تضاريس الأرض مفتوحة على آخرها، والعالم خيمة واحدة، والإصابة بمرض لابد وأن تصل عدواه إلى سائر الخيام الأخرى· والإرهاب الذي قض مضاجع العالم لم يعد محصوراً في مكان أو زمان، بل هو آفة كل الدول وطاعون كل المجتمعات، الأمر الذي يتطلب وعياً دولياً وثقافة عالمية تدفع بالعجلة نحو المواجهة الشاملة والتصدي بقوة الجميع لتنظيف العالم من الرعب والذعر والقتل وسفك الدماء وتشريد الأبرياء وتخويف الضعفاء· العالم مطالب وبحزم أن يقف وقفة صريحة حيال هذا الأمر الجلل الذي أصبح يؤرق الدنيا ويسرق ويحرق القدرات والإمكانات وصار شيئاً من خراب يباغت المجتمعات في لحظة دون يقظة، ولابد أن توضع كل إمكانيات الدول في محفظة واحدة لدرء الخطر الواحد ولابد أن تتغير ثقافة التفرد، ويعي العالم الدور الجماعي وأهميته في دحض عشاق الموت، وحملة التوابيت المتفجرة، وصناع الشعارات الباهتة والبائسة· على أرض الإمارات بدأت الخطوة وتتبعها خطوات نحو غاية الأمل المنشود، واليوم الموعود والحبل المشدود للردع، ورفع راية الحلم الجميل والغد الأبيض الناصع