الأزمة المالية العالمية الحالية، والتي من الممكن القول إن تمركزها الرئيسي يعتمد على خطى الرأسمالية الأميركية، بكل تعداداتها ومسمياتها، الصادرة من الأساس عن شكل الأداء السياسي الأميركي طيلة 100 عام، أو لنقل تحديداً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، والصراعات التي أدت في الأخير لسيطرة القطب الواحد، بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، مع علم جميع حكومات العالم، ودون اتخاذ أية إجراء ت سياسية وطنية لصالح داخل كل دولة على حدة من وجهة نظر الحد الأدنى، مع استثناء ما لأوروبا، ··· الأزمة المالية العالمية، وبرغم أن جزءا ليس بسيطا منها تقنيٌ اقتصادي، تشير إلى أن الممارسات السياسية للرأسمالية الأميركية، وشكل سوق الفرص، والتحرر من أعباء الشعوب لصالح شيء آخر، كأن الذي يحكم قادم من الفضاء وليس من هنا، فقط لأن القوة وأشكال طرحها بكل الطرق، تجعلنا نتبع دون أن نفكر في توازننا، بطريقتنا، نحن أو غيرنا ممن وقعوا ضحية السياسات الأميركية، أو لنقل الطرح الأميركي من خلال مؤسساته الفكرية والعسكرية، فليس الوضع المالي متمثلاً في القروض أو العقارات أو تدوير تحمُّل الفائدة، كافياً لتفسير ما حدث، وإن وقفنا عند هذه النقطة دون النظر وتحليل كل ملابسات الإتباع التي أدت إلى ذلك، من جميع جوانبها، وبالتالي الاستماع إلى الأصوات القديمة في هذا الصدد، وإلى أنظمة المعارضة لكل سلطة، ومؤسسات المجتمع المدني الأهلية، والأصوات المستقلة· الأزمة المالية، توضح أن نظرية الاقتصاد لا يمكنها أن تكون واحدة، وأن العالم مختلف باختلاف لغاته، وثقافاته، ونظمه المعرفية، وأن الطرف النقيض للرأسمالية ليس الشيوعية، والخسارة التي تكبدتها شعوب العالم جراء هذا الصراع السياسي الفج، على تقسيم كل شيء بين من يملك القوة بالجَبْر، هي خسارة تكبدها ما يمكن تسميته بـ''العقل الشعبي''، وأن ''العقل الحاكم'' لا يلتفت إلى حكمة الحقوق، والاحتياج، والأغلبية الصاغرة غصباً، سواء أكانت أغلبية أميركية أم أوروبية، أم عربية أم أفريقية····· إلخ········، التي تدفع الثمن دائماً وفي جميع الحالات···، تتحمل الأزمة، تشير إلى سياسات الانفتاح الاقتصادي والمعارضات السياسية له في بداية السبعينيات، وأشكال الخصخصة بدعوى انفتاح السوق، وتفريغ سياسة المؤسسات الرئيسة المسئولة عن الحفاظ على عماد المجتمع، ليصبح كل شيء قابلا للبيع، سواء من رأس مال خارجي أو داخلي· وما ضَرْب الأفكار الوطنية والتحررية منذ الستينيات إلا شاهد ملك على كل هذا، والشعوب تتحمل دائماً قرارات حكوماتها، متحملة الخسائر في كل الأوضاع، مستفيدة أبداً ودائماً من الحد الأدنى أو أقل، لمواجهة مصير عيشها اليومي· eachpattern@hotmail.com