لفت انتباهي مؤخراً صرخة استغاثة قادمة من الساحل الشرقي وتحديداً من نادي دبا الفجيرة·· والمستغيث هو محمد حسن الظنحاني رئيس النادي·· والرجل يقول بأعلى صوته ''أنقذونا فمدرجات ملعب كرة القدم الخشبية آيلة للسقوط فوق رؤوس الجماهير''! والعنوان العريض المنشور في ''الاتحاد'' بالأمس عن طريق الزميل سيد عثمان كان مصحوباً بصورة كبيرة للمدرجات الخشبية المتآكلة في مشهد لا يمكن لمن يراه أن يصدق أن هذه المدرجات أو هذا النادي المسكين هو أحد أندية دولة الإمارات التي ترفل والحمد لله في نعمة من العيش ومعظم أنديتها ميسورة الحال وتستطيع الوفاء بالتزاماتها تجاه الشباب المتدفق والمتحمس لممارسة الرياضة عامة وكرة القدم خاصة باعتبارها اللعبة الشعبية الأولى بالبلاد· ورئيس النادي لم يكن يستغيث فقط من المشهد المخجل للنادي بل كان يشكو ضيق ذات اليد في زمن الاحتراف·· وكان يشكو سطوة الغني على الفقير·· حيث تستغل الأندية الكبيرة اللوائح الدولية وتتعاقد مع لاعبي الأندية الفقيرة من وراء ظهر هذه الأندية مستغلة عدم ممانعة ''الفيفا'' وبالتالي اتحاداته الوطنية من تعاقد أي نادٍ مع أي لاعب لا يملك عقداً مع ناديه القديم·· ولما كان نادي دبا الفجيرة من نوعية هذه الفرق التي لا تسمح حالتها المالية بتحرير عقود مع لاعبيها·· لذا فمن الطبيعي أن تسارع الأندية التي تملك من أجل إغراء هذه الفئة من اللاعبين وتقوم على الفور بتحرير عقود معهم من وراء ظهر الأندية الأصلية·· وهذا للأسف إجراء قانوني صحيح·· فالفيفا هنا يحمي اللاعب باعتباره فردا ولا تحمي ناديه الذي هو من المفترض مؤسسة قادرة وقوية! يا سادة، الاحتراف مع تقديرنا له باعتباره أحد الحلول المهمة لبلوغ التطور الرياضي إلا أنه في نفس الوقت حاله حال أي نظام له مميزاته وله عيوبه·· فالاحتراف ليس جنة الله في أرضه·· والجانب الأخلاقي منه لا يعيره أحد أي انتباه للأسف الشديد·· لذا فمن الطبيعي أن يأكل الكبير الصغير·· وأن تتضح الفروق بشكل واضح جداً في زمن الاحتراف·· وأقصد بالفروق·· المادية والفنية لأنهما يرتبطان ببعضهما البعض بدرجة كبيرة·· والنادي ''متوسط الحال'' الذي كان يستطيع أن ينافس أحيانا·· بل كان من الممكن أن يحرز بطولة·· عليه أن ينسى الآن·· فقد اختلف الوضع·· ولعلكم لاحظتم بوادر ذلك رغم أنه لم يمض سوى ثلاثة أسابيع فقط من عمر دوري المحترفين! ومن لا يصدق عليه أن ينظر لنادي الشعب الذي كان ينافس على معظم أسابيع الموسم الماضي وبخاصة في الدور الأول·· أين هو الآن؟! وعليك أيضاً أن تنظر في اتجاه نادي الخليج الذي انحدر مستواه بشدة على عكس مرات أخرى كان يصعد فيها ويثبت وفي أوقات كثيرة كان يبقى·· الآن ربما يكون الوضع صعباً للغاية لأن الزمن تغير بالفعل وفي زمن قياسي·· وإذا كنت تريد أمثلة في الاتجاه الآخر فما عليك إلا أن تنظر إلى أعلى·· إلى قمة البطولة·· أين تستقر الآن؟! إنها باختصار تستقر في حالة نزوح جماعي نحو ثلاثي العاصمة القوي بماله ورجاله ونجومه·· فماذا تريد أدلة أكثر من ذلك! آخر الكلام يا أخ محمد الظنحاني لك الحق في الاستغاثة من أجل تجديد وتحديث ناديك فهذا حق مكفول من الحكومة لأندية الإمارات·· وبالطبع من المفترض أن تتوقف الجماهير على الفور عن الصعود فوق هذه المدرجات منعاً لحدوث كارثة لا قدر الله·· أما حكاية السطو على لاعبيك فليس أمامك سوى ربط لاعبيك بالعقود وإن لم تستطع فليس لك إلا الله فهو المعين·