ولد جلال الدين الرومي البلخي القونوي في بلخ في أفغانستان في عام 604 هـ/ 1207م، وتوفي ودفن في قونية (تركيا) في عام 672 هـ/ 1275م.. فيكون قد مر على ولادته حتى اليوم، عامان وثمانمائة. وشعره المتمثل في “المثنوي” و “ديوان شمس تبريز” ما زال حياً ومؤثراً في جميع ثقافات العالم وشعوبه. وله مقامان: واحد في بلخ، في الخانقاه أو مدرسة الفلسفة التي استقبلت مولانا جلال الدين في دراسته الأولى، وواحد في قونية، حيث ثمة وقف يعتبر مزاراً عاماً لا يختص به المسلمون وحدهم، بل تتشارك فيه جميع شعوب العالم، يشرف عليه أتباعه “الجلالية” الذين عُرفوا فيما بعد بالمولويّة، تنبعث من أرجائه موسيقى الناي المصاحبة لقراءة أشعاره بصوت شجي، وتدور حلبات الرقص المولوي، على وقع الأشعار والأناشيد والمدائح الدينية.. وهذا الرقص يستند الى دوران الراقص على نفسه، لابساً قلنسوة عالية، وثوباً فضفاضاً دائرياً، يضع يديه على صدره عند بدء رقص الدوران، ثم يفرد ذراعيه بالتدريج، متخذاً شكل طائر بجناحيه، مائلاً برأسه قليلاً الى جهة اليسار (جهة القلب من الجسم) ويستمر الغناء والرقص الجماعي بالدوران حتى الوصول لحال النشوة والتلاشي. أما الأشعار المغنّاة التي كتبها جلال الدين الرومي فهي أشعار الحب الصافي والعشق الإلهي ووحدة الوجود والإنسان بمعزل عن لونه وعرقه وطبقته ولغته. في غمرة الصراغ في أفغانستان اليوم، بينّت إحصاءات كثيرة أن كثيراً من بطاقات المعايدة المتبادلة والرسائل السريعة بوسائل الاتصال الحديثة، في الولايات المتحدة الأميركية والغرب على العموم، تنطوي على أبيات من شعر الحب لمولانا جلال الدين. إن ترجمات واسعة هناك قدمته للقراء وراجت أشعاره في صفوف الشباب والمراهقين، كما غنى بها مغنون من أمثال “مادونا”... لا يذكر مولانا إلا ويذكر معه المثنوي. وقد كتبه على امتداد ثلاثين عاماً، لكنه ترجم الى جميع لغات العالم الحية.. والملفت فيه أن له مقدمة كتبها الشاعر بالعربية يقول فيها ما يلي: “هذا كتاب المثنوي وهو أصول الدين، في كشف أسرار الوصول واليقين، وهو فقه الله الأكبر، وشرع الله الأزهر، وبرهان الله الأخطر، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح... وهو كنيل مصر، شراب للصابرين، وحسرة على آل فرعون والكافرين”.