يواجه العالم تحديات ومعضلات ونكبات وكبوات وعقبات، هذه التحديات تتمحور في الثلاثي، القيم المقيم المديم على أرض البشرية، هو الفقر والمرض والجهل·· ولم تصب أمة من الأمم بأحد أضلاع هذا المثلث أو جميعها إلا ونكبت وتدهورت واندثرت وبادت وذهبت خلف الشمس وتحت الأرض· ولا ترقى أمة من الأمم ولا تنهض ويسطع نجمها إلا بتعليم يتسم بخريطة واضحة الملامح والمعالم وحروف هجائية لا تقبع تحت رنين الطنطنة والتأتأة والثأثأة، والتلكؤ في تعاطي القوت العلمي اليومي، لذلك فإن الاهتمام والرعاية بدراية وفطنة وحنكة التي توليها حكومة أبوظبي للتعليم تأتي متسقة ومتناسقة ومتناسبة مع ظرفي المكان والزمان وحاجة الإنسان إلى ارتقاء سلم التعليم بكل ثقة واتزان، واتخاذ قضية التعليم لمبدأ وعقيدة سياسية واقتصادية واجتماعية لا حياد عنها، ويبقى الانحياز دوماً للعلم والتعليم كمرتكز ومنطلق باتجاه التطور والتقدم وصناعة الإنسان الواعي، المدرب، المهذب علمياً لمواكبة عصر لا يتحالف إلا مع الأصحاء والأقوياء والأنداد المتسلحين بأدوات التفوق والتميز والإبداع والاختراع والتخلص من عهن الفقر والعوز، والتحرر من براثن المرض ومقاومة المرض وعلاته وآهاته وويلاته· وتأتي تصريحات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حول إعادة بناء منظومة التعليم واستعداد القيادة لتوفير الموارد اللازمة لتأسيس نظام تعليمي مميز لتضع الأصبع على مكان الجرح، ولتؤكد أن التعليم في بلادنا ذاهب نحو الأفق المتألق شعاعاً، وأن التعليم لم يصبح رافداً فحسب، بل هو مصب من نهر، تستقي من شعابه ورضابه أفئدة وأدمغة أناطت بها القيادة مسؤولية النهوض بالوطن والحفاظ على مقدراته وإمكاناته، وأهاب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بدور التعليم كمنطلق جوهري في صياغة المستقبل وصناعة قدرته التنافسية والاقتصادية ومسيرة التنمية في أبوظبي· هذه التصريحات تقدم مؤشراً وتعطي منجزاً تاريخياً في مرحلة تعدى فيه دور التعليم منهج الحفظ والتكرار ليأخذ مساراً جديداً في الإبداع وملاحقة تكنولوجيا التعليم في العالم بكل ما تقدمه من منجزات ومستحدثات في ديناميكية فائقة في التجدد والتحول، والتغير والتطور، ولم يعد العقل البشري اليوم يحتمل الثبات والسكون، بل هو في تحولات سريعة ومدهشة تحتاج منا الجلد والثبات ودخول المعترك التعليمي بكل حزم وجزم وحسم وبلا تردد أو التماس للأعذار، فلا عذر لمن لا يقوى على الصبر، فالقطار سريع ودورة الدم التعليمية تحتاج إلى شرايين خالية من الكلسترول والدهون والشحم الزائد، ومتحررة من ضغط المناهج المحشوة والمكسوة والمغلفة بمواد لا تسمن ولا تغني من جوع· نحن بحاجة إلى نهضة تعليمية تقودها كوادر علمية متسلحة بأدوات النجاح لتواكب طموحات القيادة ورغبتها الملحة في وضع التعليم موضع الرمش من العين، والقلب من البدن·