كم هي صعبة تلك اللحظات التي يقضيها بعض الأبناء حول آبائهم اذا مرضوا وكم هي مؤلمة تلك الدقائق التي يشعرون بها اذا آباؤهم من شدة الألم، وكم هي مريحة تلك السويعات التي يعيشها الآباء اذا أحسوا بحنان والتفاف الابناء حولهم اذا جار الزمان عليهم فيحسوا أن كل دقيقة بذلوا فيها من عمرهم لأبنائهم لم تكن هباءً منثورا. وكم هي مؤثرة تلك النظرات التي ينظر بها الآباء الذين فقدوا أبناءهم فلم يكونوا حولهم، وتمنوا أن يعيشوا هذه اللحظات معهم بالرغم أنهم بالحقيقية موجودون على ظهر الحياة ولكن خيبوا أمل آبائهم بهم بعد أن ضحوا وأفنوا حياتهم لهم... فكانوا كالشجرة التي أعطت دون مقابل. يحكى أنه كانت هناك شجرة تفاح ضخمة.. وكان هناك طفل صغير يلعب حول هذه الشجرة كل يوم.. وكان يتسلق أغصان الشجرة ويأكل من ثمارها... كان يحب الشجرة وكانت الشجرة تحب أن تلعب معه. مر الزمن... وكبر الطفل... وتوقف عن اللعب حول الشجرة... وفي يوم.. رجع الصبي وكان حزينا...! فقالت له الشجرة: تعال والعب معي... فأجابها الولد: لم أعد صغيرا لألعب حولك... أنا أريد بعض اللعب وأحتاج بعض النقود لشرائها... فأجابته الشجرة: لا يوجد معي نقود ولكن يمكنك أن تأخذ كل التفاح الذي لدي لتبيعه ثم تحصل على النقود التي تريدها...سعد الولد للغاية... فتسلق الشجرة وجمع كل ثمار التفاح التي عليها وغادر سعيدا... لم يعد الولد بعدها .. فأصبحت الشجرة حزينة . وذات يوم عاد الولد ولكنه أصبح رجلا... وكانت الشجرة في منتهى السعادة وقالت: تعال والعب معي... ولكنه أجابها: لا يوجد وقت لدي للعب .. فقد أصبحت رجلا مسؤولا عن عائلة ... ونحتاج إلى بيت يؤوينا.. هل يمكنك مساعدتي ؟ آسفة!!! . فأنا ليس عندي بيت ولكن يمكنك أن تأخذ جميع أغصاني لتبني بها بيتا لك... فأخذ الرجل كل الأغصان وغادر وهو سعيد... كانت الشجرة مسرورة لرؤيته سعيدا... لكن الرجل لم يعد إليها .. فأصبحت الشجرة وحيدة و حزينة مرة أخرى... وفي يوم حار من ايام الصيف... عاد الرجل.. وكانت الشجرة في منتهى السعادة.... فقالت له الشجرة: تعال والعب معي ... فقال لها الرجل لقد تقدمت في السن... وأريد أن أبحر لأي مكان لأرتاح ... فقال لها الرجل: هل يمكنك إعطائي مركبا... فأجابته: خذ جذعي لبناء مركب... وبعدها يمكنك أن تبحر به بعيدا... وتكون سعيدا... فقطع الرجل جذع الشجرة وصنع مركبا!!! فسافر مبحرا ولم يعد لمدة طويلة ..أخيرا عاد الرجل بعد غياب طويل ..ولكن الشجرة قالت له : آسفة يا بني.. لم يعد عندي أي شيء أعطيه لك. قالت وهي تبكي.. كل ما تبقى لدي جذور ميتة... فأجابها: كل ما أحتاجه الآن هو مكان لأستريح فيه ... فأنا متعب بعد كل هذه السنين... فأجابته: جذور الشجرة العجوز هي أنسب مكان لك للراحة.. تعال.. تعال واجلس معي لتستريح... جلس الرجل إليها... كانت الشجرة سعيدة ... تبسمت والدموع تملأ عينيها ... هل تعرف من هي هذه الشجرة؟ إنها أبوك . مريم الشميلي Maary191@hotmail.com