تحدث مدير عام وزارة العمل بالوكالة عن مربط الفرس، حيث سلّط الضوء على قضية ذات معنى ومغزى تهم كل مواطن أرهقه البحث عن فرصة عمل في زحمة الفراغ الوسيع “للاعمل” وحديث المسؤول في العمل يشير إلى وجود وفرة في الوظائف ما يزيد على أضعاف عدد المواطنين, ولكن بعض هذه الوظائف لا يتناسب مع مؤهلات الكثير من المواطنين، إذاً أين الخلل؟ نسأل أنفسنا ونسأل وزارة العمل ونسأل الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص, ونسأل الوزارات الاتحادية والدوائر المحلية ونسأل الجامعات والمعاهد التي تتوافر بكثرة, ما هي الوسائل والإجراءات التي اتخذت، وما أساليب التنسيق بين كل هذه الجهات لوضع حد للهدر وبعثرة الطاقات التي تتمتع بمؤهلات ضائعة وتائهة في ردهات المؤسسات التي لا تستقبل هؤلاء لأن مؤهلاتهم لا تتناسب وحاجتها وظروفها العملية، مأزق البطالة يتزايد وتتفاقم أزمته، لأن كلاً من هذه الجهات “يجر النار صوب فرصة”، ويظل الباحث عن عمل يغرد بعيداً عن السرب في بلد بحاجة إلى قدرات أبنائه وطاقاتهم ومؤهلاتهم العلمية والعملية ليشاركوا في عملية التنمية ورفعة الوطن، فقبل عقد من الزمن كانت الصرخة تدوي بأن المواطن لا يريد أن يعمل إلا مديراً وعلى أقل تقدير رئيساً لقسم، اليوم اختلفت النبرة وصارت الجهات المعنية تصدح عالياً، قائلة إن الوظائف الكثيرة المتوفرة لا تتناسب مع مؤهلات بعض المواطنين. يا ترى هل المواطن هو المسؤول عن هذا الخلل؟ أم أن هناك عوارض أخرى دون تحقيق الطموح المنشود وإبقاء الشكوى من البطالة عملية مستدامة لا يمكن للباحث عن عمل أن يخرج من عنقها الضيق والخانق. فإذا كان القصد بعدم مناسبة بعض الأعمال لبعض المؤهلات يعني أن تطرح وظائف دون مستوى المؤهلات المتاحة واعتبارها أمراً واقعاً، فهذه بطبيعة الحال أمور تعجيزية ويراد بها الاستمرار على نفس الحال وإبقاء البحث جارياً عن وظائف لا توجد إلا في خيال من يبحث عنها. البلد بخير وكل مستلزمات الحياة الكريمة متاحة وفي مرأى العين ومتناول اليد، فقط يجب أن نتحرر من سَوق الأعذار ونتخلص من ماض يجب أن نرفضه، والمواطن قادر على أن يبدع في جميع المجالات وهي ليست حكراً على غيره، وليس ممنوعاً عليه أن يقترب منها، المواطن الذي حفر الصخر ونبش الرمل ومخر البحر قادر على أن يقارع المرحلة بنفس القدرات التي تمتع بها آباؤه وأجداده، فقط أن نفتح الأبواب على مصاريعها وأن نقدم الأعذار على الوعي بأهمية وحتمية أن يجد كل مواطن فرصته، وأن ينال حقه في كسب العيش الملائم، ربما يتناسب مع قدراته ومؤهلاته، فالأرض واسعة فلا يضيق رحابها بأسباب لا تقدم حلاً بل تؤزم وتفاقم وتعظم حجم المشكلات.