العمل الديمقراطي في المجتمع المدني، عادة ما يبدأ من مجالس البلديات، ومجالس غرف التجارة، ومجالس الجمعيات الأهلية، وغيرها من المؤسسات حتى يصل إلى أكثر المؤسسات تعقيداً كالمجالس البرلمانية، ومجالس الأحزاب التقليدية، ومن هنا نريد أن ندلف إلى موضوع الانتخابات في مجلس غرفة تجارة وصناعة أبوظبي في تجربته الثانية التي كانت أكثر نضجاً إلى حد ما، رغم عدم اكتمال النصاب في الدورة الأولى، والجهل من البعض بأهمية مثل هذه الانتخابات في سير وتقدم الإمارة اقتصادياً واجتماعياً، وعدم معرفتهم بطريقة العمل الديمقراطي فالمسألة تحتاج لمزيد من تكريس التجارب. فوز مجموعة “أبوظبي أولاً” التي تضم نخبة من رجال الأعمال المعروفين والمشهود لهم، وبشعارهم “التزامات.. لا وعود” بجميع مقاعد مجلس إدارة الغرفة الـ 15، أفرح الكثير، وأثقل على القليل، لكنها اللعبة الديمقراطية، ولعبة الأصوات، والجميع عليه أن يرضى بها الفائز والخاسر، بقي على حكومة أبوظبي أن تعين 6 أعضاء ليصبح مجلس إدارة الغرفة مكوناً من 21 عضواً، لينتخب رئيسه من بينهم في أول اجتماع له. اللعبة الديمقراطية يجب أن تدرك سرها وتحاط علماً بكل تفاصيلها ومجريات سيرها، وتعرف كل طرقها السرية والعلنية، لتقول بعد انتهاء الانتخابات مبروك للفائز بكل روح رياضية، وعليك أيها الخاسر أن تراجع برنامجك الانتخابي والإخفاقات التي وقعت فيها، وآلة الإعلام المصاحبة لبرنامجك هل كانت موفقة في طرحها، وعرفت كيف تترجم ترشيحك إلى أصوات، فالفائز في الانتخابات الديمقراطية يفوز بمجهوده، والخاسر يخسر بمجهوده الأقل! ولعلها أول مرة تفوز فيها سيدة في المجلس، وبأعلى الأصوات، حيث حصلت فاطمة عبيد الجابر على 4884 صوتاً، وهو أمر مفرح بحد ذاته، يبقى اليوم التحدي، وتنفيذ البرنامج الانتخابي، فالكل يشكك في تنفيذ ركيزة برنامج مجموعة “أبوظبي أولاً” وهو خفض رسوم العضوية إلى 50 في المائة الذي يعني رقماً كبيراً في مداخيل الغرفة، خاصة بعد محاولة مجلس إدارة الغرفة السابق تخفيض الرسوم بنسبة 20% في العام المنصرم، فكبد الغرفة خسائر مالية قدرت بنحو 17 مليون درهم، مما دفع المجلس إلى التراجع عن القرار، لذا ظهرت تفسيرات من قبل الفائزين تتحدث عن سوء فهم، وأن شعارهم الانتخابي حين يترجم إلى رقم سيكون على مراحل ولمدة عضوية المجلس، الأمر الذي طالب البعض بأن توضحه المجموعة قبل الانتخابات، وليس بعدها! بقي من الأشياء التي كانت في الكواليس، سر حقيبة الحمادي وما فيها من أصوات، الجاليات التي ناصرت مرشحها، عدم معرفة الكثير من المرشحين والمنتخبين بلغة الكمبيوتر، وسير العملية الانتخابية، ورغم ذلك مبروك لأبوظبي التي نتمنى أن تكون دائماً.. وأبداً.. أولاً!