في مهرجان حضاري رائع منفوح برائحة الفن، جمع مهرجان أبوظبي السينمائي ألوان الفن السابع وأطيافه في لوحة تشكيلية واحدة نقشت إبداعياً بريشة وعبق إماراتي ليؤسس عملاً سينمائياً، مستقبلياً، ويسجل للتاريخ جهداً واثقاً موثقاً بفكر أهل البلد الذين أرادوا للإمارات أن تكون واحة واستراحة، وباحة تنعم بخير الفن وأثمار الثقافة·· فأن يجتمع أهل الفن بمنٍ وسلوى، إبداعاتهم وأزاهير عطاءاتهم على أرض الإمارات فهذا منجز حضاري وإنساني يفتح بارقة أمل للعالم أجمع، تخرجه من ظلمات الكبت والسحت اليومي لتدخله في فضاء آخر، فعناء العطاء والإنماء الروحي والوجداني، الأمر الذي يجعل الإنسانية تشرق بغد بلا سهد وفجر بلا كدر، ويوم بلا غيم·· ولأن أبوظبي عاصمة الإمارات أخذت على عاتقها حمل مشعل النور والسير قدماً باتجاه الضوء لترفد العالم بسناء وضياء ونهار، مزمل بصورة مبهجة، ولقطة ممن نهجة، ومشهد ناصع ومرود يكحل العين، بأثمد الحلم الجميل، والذهاب النبيل نحو غايات أرحب وأخصب وأكثر انفتاحاً وانشراحاً على العالم·· إيماناً من أصحاب القرار الثقافي أن عالماً بلا صورة هو عالم بلا وجه ولا لسان ولا آذان· وهكذا تمضي قافلة العطاء الثقافي بكل رزانة ومتانة وأمانة صوب الجهات الأربع بفن يهب للزمن نصوعه وينوعه ونبوغه وبلوغه أفق الغايات القصوى للنهوض والاستمرار في التطور والتحلي بأساور من فن لا يتشبع إلا لأمل الإنسانية وطموحها وجموحها إلى ميلاد حياة خالية من الضغائن والكمائن والمهن والفتن والأسى المرتهن· هكذا جاء مهرجان أبوظبي السينمائي، وهكذا خضب الشاشة السينمائية، بحناء الفرح الإنساني وصرح الردح عندما ينبلج فجرها وينفرج دهرها عن شفة تنطق بنعم للحياة، ولا لصخب الساكنين عند حافة العدم·· هكذا اكتسى مهرجان أبوظبي السينمائي فيضاً من نور، ونبضاً من سرور وشدوا وهديلاً ونسيماً عليلاً، يداعب خصلات الأمنيات الرافلات بالبوح الجميل والموال الأصيل· هكذا تنادى أهل الفن على أرض الإمارات ملبين دعوة الارتقاء بحفظ وصون لفن الإنسان ولغته السارية مسرى الدم في العروق، هكذا احتفلت أبوظبي العاصمة بزهور وعطور وبخور، من قالوا للدنيا سلام ووئام وانسجام واحترام وحبكوا وسبكوا واشتركوا مع العالم في قواسم مشتركة لاتتسم ولا تضرب بل تجمع وتحطب في فضاء الله وسمائه وأرضه من أجل نبل الإنسان واجتماعه على رباط الخير، والعروة الوثقى في تكاتفه وتضامنه من أجل أمنه وأمانه واستقراره واستمراره في النمو والازدهار والانبهار بما تقدمه العقول النيّرة وفصول الأذهان المستنيرة والأشجان المنيرة· هكذا جاء المهرجان ليكون خلية عاملة متكاملة متزاملة متكافلة بأسئلتها الكبرى، وفصائلها المتعاظمة توقاً للحياة وطرقاً لأبواب المدى الممتد في حواراته الواسعة والشاسعة والناصعة والساطعة·· هكذا جاء المهرجان ليؤسس للوحة فنية رائعة وبارعة ويافعة متفرعة عن التكور والتهور والتضور·· هكذا هو المهرجان وهكذا هي أبوظبي عاصمة الإمارات·· دائماً في الطليعة باتجاه المستقبل·