تابعت مؤخرا حدثين استضافتهما الدولة في مدينتين مختلفتين، كان الأول المعرض الدولي للسيارات واحتضنته دبي. وقد تبارت كبريات الشركات المنتجة في تقديم أحدث الطرازات من السيارات والمركبات التي تنتجها، وركزت في غالبيتها على موضوع السرعة والكماليات والإضافات التي تتضمنها السيارات الجديدة، في الوقت الذي يفترض فيه أن تقوم بالتركيز على عوامل الأمان والسلامة من جهة، والانخراط بقوة في الحملات التي تقوم بها الدوائر المختصة للتوعية من طيش القيادة. ومع كل معرض للسيارات سواء هنا أو في العالم، تجد المنظمين يحرصون على الاستعانة بفتيات “موديل” في أكبر إساءة للمرأة وتصويرها كما لو أنها مجرد وسيلة من وسائل الترويج لهذه السلعة او تلك. وأمام التركيز على الكماليات والسرعات يبرز التساؤل الذي لا يجد إجابة وسط “فلاشات” التصوير، والذي يتعلق بمدى الحاجة إلى جنون يضاف الى الجنون الذي يجري على طرقاتنا، ودماء شباب في عمر الزهور تسفك عليها؟، والنسبة في تصاعد على الرغم من جهود إدارات المرور، والتي تحاول كل منها أن تخفف عنا هول ما يجري، وهي تعلن عن تراجع في نسبة الوفيات هنا، بينما تقول إدارة أخرى في إمارة أو مدينة ثانية إن الأرقام في ازدياد، وكل الشواهد تمضي قي ذات اتجاه الارتفاع. وهنا برز أمامي الحدث الثاني الذي استضافته “دار الزين”، فقد احتضنت العين المؤتمر العالمي السادس للإبداع في تقنية المعلومات، وقد كان من ضمن التجارب وأوراق العمل التي طرحت ما جاء عن الإدارة الذكية لحركة السير عن طريق استخدام المجسات الإلكترونية اللاسلكية والتي يمكن تركيبها داخل السيارات والمركبات، ولها اتصال مع مجسات أخرى مزروعة على جوانب الطرقات. ودعت إحدى أوراق العمل الى التوسع في استخدام السيارات الذكية، بعد أن ثبت “أن مجرد استخدام وتركيب أجهزة متقدمة غير كاف لمراقبة السير على الطرقات، ما لم يتم استخدام المعلومات التي تبث عن طريق هذه الأجهزة للتحكم والسيطرة في حركة السير”. ،وأن هذه التوجهات جاهزة للتطبيق بعد أن تم تجربتها في ولاية كاليفورنيا وأثبتت فعاليتها. وعرضت الورقة “إمكانية تصميم نظام جديد للتحكم في حركة السير في المستقبل المنظور عن طريق أتمتة كاملة لحركة السير، بحيث تسير السيارات آليا بدون تدخل السائقين، وفق مايسمى “القطار الإلكتروني”. وأبحرت بعيدا مع السيارة الذكية إذا ما أصبحت الغالبة في أسواقنا وعلى طرقاتنا، خاصة وأن تجربة القطار بدون سائق قد أثبتت نجاحها عندنا من خلال “مترو دبي”. وتصور معي سيارة المستقبل وأنت تدلف إليها وتعطيها أوامرك الصوتية بالتوجه الى مقصدك، وهي تتحرك مطيعة تدب على الطريق بتروٍ وحكمة وتتوقف في المكان الخاص بها بدون خدش سيارات الآخرين. وتصور معي أيضا حجم الفوائد التي ستعود على البلاد والعباد من جراء التوسع في إنتاج واستخدام السيارة الذكية، إذ ستهبط الحوادث بمعدلات دراماتيكية، وبالذات القاتلة منها. وكذلك التخفيف من جحافل السائقين المستوردين. وتذكر أنه مجرد أمنية بحلم قد يخرجنا من كابوس الحوادث وأزمات السير المستعصية.