كتبت في شهر رمضان المبارك مقالا كان بعنوان (ليس دفاعا عن النساء ·· ولكن) ولقد بعث أحد القراء برسالة شديدة اللهجة ومليئة بالكثير من الغضب والتحامل ذكر فيها أن العمل السياسي اكبر من إمكانات المرأة العقلية الضعيفة والمتواضعة بسبب تركيبتها الفسيولوجية وما يطرأ عليها من اضطرابات نفسية وجسدية '' !! كما أكد أن المرأة لا تصلح أبدا للولاية وما حصل في أكثر المجتمعات مطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة أكبر دليل على ذلك حيث أعطت 70% من النساء الأميركيات صوتهن لمنافس هيلاري الرجل ما يعني وبما لا يدع مجالا للشك أن المراة هي عدوة المرأة !! معضدا رأيه في النهاية بحديث '' لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة '' هنا فإن مناقشة هذا الفكر أمر مطلوب وضروري ليس على قاعدة الصراع والاستقواء بالنص الديني المقدس وتوظيفه بشكل غير صحيح وإنما بتوظيف النص بما يليق بقداسته وبما يليق بمكانة المرأة أيضا · إن هذا الاستنتاج بأن المرأة لا تصلح للعمل السياسي كلام لا أساس له من الصحة والمنطق فمن بين نساء العالم من تحكم دولا وممالك وجمهوريات ، ولا أظن بأن المرأة هناك تختلف عن المرأة العربية ، إن الحديث الذي يستشهد به دائما '' ما أفلح قوم ······'' حديث يجب أن يقرأ بحسب زمنه ومناسبته التي قيلت فيه ، وهذا علم عريض في تفسير السنة وعلومها لا يجب أن نخوض فيه لإثبات آرائنا وتعزيز أهوائنا الشخصية ، وبحسب الرجوع لعلماء السنة فقد وضحوا مرارا بأن الرسول قد قاله في ابنة كسرى حين فشلت في إدارة مملكة والدها لأنها لم تكن كفؤة للمهمة ، بينما ولى الخليفة الحازم الصارم عمر بن الخطاب الشفاء على ديوان الحسبة والاشراف على أسواق المدينة وهي ولاية مهمة وتحتاج لقدرات عقلية وجسدية خاصة مفضلا إياها على كثير من الرجال بينما لا نجد من الرجال من يستشهد بهذا المثال !! أما إن نساء أميركا فضلن أوباما على هيلاري كلينتون فذلك يعود لأسباب كثيرة يجب أن يتم تناولها بشكل علمي منها: الأموال الطائلة التي ينفقها أوباما على حملته، ومنها انحياز السود لمرشح من جنسهم ومنها ادارة حملة كانت الافضل، وأيضا فإن لأوباما مميزات شخصية ساعدته على التفوق وهو ما يعرف في السياسة بالكاريزما السياسية التي تفتقدها كلينتون بالفعل ، ناهيك عن هذه الميزة التي يمتاز بها الرجل وهي صلابته الشديدة فيما يتعلق بطموحه السياسي بخلاف المرأة التي تفتقد هذه الصلابة بسبب التراكم التاريخي الطويل للرجل في المجال السياسي !! لم تحصل المرأة على حقوقها السياسية المتناسبة مع قوتها العددية باعتبارها تشكل أكثر من نصف سكان العالم ، فلا زالت لا تحظى بأكثر من 5% من المناصب السياسية القيادية، مع ذلك ففي دولة مثل فنلنـــدا تشكل النساء اغلبيــــة الوزارات هناك بواقع 11 وزيرة من أصل 19 وزيرا ، بمن فيهم وزيرة الدفاع ورئيسة البلاد ، وفنلندا تحقق أفضل مستوى تعليمي في العالم وأفضل نظام خدمة اجتماعية ·· أم أن المرأة عندنا خلقت من ضلع أعوج ولا بد أن يبقى وضعها معوجا الى الأبد ؟!! ayya-222@hotmail.com