ضبط الإنفاق العام للموارد المالية العامة وتعزيز الشفافية، عنوان صارم اتخذته دبي بعد الأزمة التي عصفت بإحدى شركاتها العملاقة، وعبر مجموعة التشريعات التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بخصوص الآليات الدقيقة التي ستدار بها موارد دبي يتأكد للجميع أن لا شيء يمكن أن يحمي التنمية والنمو والازدهار مثل الرقابة على المال العام، وعلى الأداء الوظيفي بشكل عام وذلك بحزمة قوانين رقابية فاعلة وحقيقية وصارمة، وعبر بيئة مؤسسية مستقلة ، هذه خطوة كانت في غاية الضرورة ، اليوم أصبحت في غاية الأهمية .المهم ألا يكون أحد بمنأى عن المحاسبة . صحيح أن دبي أوفت بالتزامات شركة دبي العالمية وأن أزمة الديون انتهت ، لكن أزمات قانونية وإجرائية أخرى ذات صلة بالأزمة مازالت تتفاعل ما يجعل من الضروري وجود التشريعات الملائمة لحل المنازعات المتعلقة بالشركة ودائنيها، وإجراءات إعادة هيكلتها بما يحفظ أصولها والطريقة العقلانية لإدارة هذه الأصول في الأربعين بلداً التي توجد فيه حول العالم . كل ذلك كان مهماً وضرورياً من أجل سمعة دبي على الصعيد العالمي المالي والاقتصادي والاستثماري، ومن أجل اقتصاد الإمارات واقتصاد المنطقة بأسرها بعد أن صارت نظرية أحجار الدومينو فاعلة في الاقتصاد كما في السياسة والحرب ، وبما أن دبي مركز المال في المنطقة فلا شك أن ما حدث كان سيؤثر سلباً على الجميع لولا الطريقة الحكيمة التي أديرت بها الأزمة . إن رأس المال جبان وأكثر جبنا مما نتوقع وإلا ما كان ذلك الهلع الذي أصاب مؤسسات المال العالمية بمجرد الإعلان عن طلب تأجيل دفع الديون نهاية الشهر الفائت ، فالعالم كل العالم يعاني اليوم من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية وأي تقاطع في الاتجاه نفسه سوف يضاعف الهلع . فللمال حرمته وخطورته، وبالنسبة للمؤسسات المالية في الغرب كما في الشرق فإن إدارة المال العام والتصرف فيه وتوظيفه وإدارته، لابد أن يتم عبر مؤسسات تتميز ببيئة قانونية حازمة وبإجراءات صارمة تجعل من الصعب التلاعب به أو اختراق الأنظمة المتعلقة باستثماره . اليوم ونحن نعلن للعالم عن انتهاء أزمتنا المالية ، ونحن نعبر للغد بإصرار على عبور آمن متحصنين بالكثير من القوانين والإجراءات القانونية، نحتاج إلى تعميم التجربة لتصبح المؤسسة نظاماً اجتماعياً يشمل كل جوانب الأداء الوظيفي والعملي ، بحيث نتخلص من الشخصنة والغوغائية والأهواء ، لنتحول إلى حكم المؤسسة وحكم القانون وسيطرة الموضوعية كي لا تتكرر أزمة أخرى في مكان آخر .