يحلو لبعض التجار كسب الربح السريع باستخدام الوسائل غير القانونية وغير المشروعة والمحرمة دينياً واجتماعياً، وفي مقدمة هذه الأساليب الملتوية الغش التجاري. بعض السلع المغشوشة تمس حياة الإنسان من غذاء ودواء، وقد تؤدي إلى المرض أو حتى الموت، ولكن الذين ودعوا ضمائرهم في مواطن النسيان وتخلوا عن مشاعرهم وأخلاقهم وقيمهم الإنسانية، لا يهمهم ما قد تؤول إليه مثل هذه الاختراقات المهلكة، لأنهم فكروا فقط في جمع المال على حساب صحة الآخرين وأحوالهم وأموالهم. فأن يتم ضبط 11.4 ألف سلعة مقلدة خلال عام واحد فهذا أمر مفزع ويثير حفيظة كل إنسان يعيش على هذه الأرض، لأنه أصبح من الممكن توقع الغش في أي سلعة يتعاطاها الإنسان، وقد يؤدي هذا الغش الى كارثة لا تفيد بعدها الدعاوى ولا الشكاوى ولا محاولات الترقيع أو توبيخ أو عقاب من ارتكب هذه الجريمة النكراء التي لا غفران بعدها ولا سلوان مهما فعلنا ومهما اجتهدنا. وحيال هذا “المد الأحمر” هل نحن بحاجة إلى تشريعات جديدة تضع حداً لهذا السيل العرم من التجاوزات اللاإنسانية؟ وإذا كان الأمر كذلك ماذا ننتظر؟.. لماذا لا يتم البت في أمور كثيرة أهمها العقاب الصارم والجازم، لكل من يستورد ومن يسوق، ويمارس مثل هذه الأعمال الشائنة. وإذا كانت التشريعات غير مجدية أمام هذا الطوفان الجارف، والحيل الدفاعية التي يتسلح بها الغشاشون، ألا ينبغي البحث عن وسائل ردع قاصمة وحاسمة تمنع كل هذا النص اليومي الذي نقرأه في الصحف اليومية عن غش في سلعة معينة. أتصور أن البلد قادر على المواجهة، والغشاشون ليسوا أذكى ولا أقدر من ذوي الاختصاص، فلدينا كوادر ذكية ومخلصة وصادقة تستطيع أن تستخدم طاقاتها الإبداعية في رصد وترقب الأيدي الآثمة وقطع دابر أفعالها قبل أن تحدث، لا الحديث عنها بعدما تطير الطيور بأرزاقها.. أتصور أن الغش صنيعة بشرية، ومقارعة العقل بالعقل يمكن أن تمنع وتردع وتقدم النتائج الجيدة في تجفيف منابع الغش ودرء أخطاره. الرقم (11.4) ألف سلعة مقلدة رقم مذهل، بل ومزلزل يحرك الساكن والباطن، ويثير انتباه كل غافل أو متساهل.. لذلك أتمنى أن تتم المواجهة بحجم المأساة، وأن تقوم قائمة دنيا الجهات ذات العلاقة، وحشد كل الطاقات والإمكانيات لتنظيف أسواقنا من ملوثات الحياة، ومكدرات معيشة الإنسان، ونحن قادرون فقط بشيء من الجد والاجتهاد من أجل رحمة العباد