في إحدى ليالي رمضان كنت أقف بسيارتي أمام أحد المطاعم بانتظار طلبية عاجلة، توقفت سيارة يابانية أمامي مباشرة، نزل منها شاب تبدو عليه دلائل الترتيب والنظافة وشيء لا بأس به من الوسامة، كان يلوح بمفاتيح السيارة بيد وفي الأخرى يحمل هاتفا نقالا بسماعة تتدلى أسلاكها بين أصابعه، توجه مباشرة نحوي، حسبته سيسألني عن شيء ما، أو سيوبخني لأنني أقف في مكان ليس مخصصا للوقوف، حين أصبح ملاصقا لباب سيارتي نقر على الزجاج بثقة، أنزلت زجاج النافذة، وسألته ببساطة: نعم خيراً ؟ تغيرت كل ملامحه فجأة وبدأ يحكي مأساته المصطنعة، أريد مساعدتك يا سيدتي، أبي رجل عاجز، وأنا منقطع هنا وليس لدي ما أعود به الى بلدي و······ وهيئ لي بأنني سمعت هذه الحكاية مسبقا وفي أمكنة مشابهة ومن شباب يدل مظهرهم ولهجتهم على أنهم خليجيون ! حين استنكرت طلبه على ما يبدو عليه من آثار عدم الاحتياج، نظر إلي محتجا وقال: الموبايل لا يكلف أكثر من مائة درهم والكارت ما فيه رصيد، والسيارة إيجار·· قلت له: هذه عدة الشغل يعني·· لم يرد وذهب الى سيارة أخرى سارعت صاحبتها الى مد يدها له بمبلغ لم أتبين مقداره !! حين ذهبت أسألها لماذا أعطته وهو في غير حاجة أجابت: نحن في رمضان والمبلغ بسيط صدقة عن أرواح أمواتنا، الصدقة تطفئ غضب الرب !! أيقنت بأننا سنبقى بهذه الطيبة مهما تبدت أمامنا الحقائق الدامغة ! ayya-222@hotmail.com التسول تجارة، ووسيلة كسب عندنا في الامارات، ليس لأننا لا نكافح هذه الظاهرة على مستوى جهات الاختصاص الامنية، ولكن لأننا أصحاب فطرة خيرة ومعطاءة، والذين يأتون إلينا لهذه الغاية يعرفون هذه المعلومة جيدا، ويلعبون على وتر التدين وحب الصدقات والعطاء فينا وبخاصة لدى النساء، وعليه فإننا بحاجة لحملات توعية إعلامية تركز على هذه الجوانب وتشرحها بشكل علمي وديني واجتماعي، حتى ينتبه الناس الى أن ليس كل من يمد يده محتاجا، وأنه ليس مطلوبا منا المسارعة لتلبية طلبه، لأن ظاهرة التسول أصبحت مشهدا سيئا في مجتمع لم يعتد أفراده على مد أيديهم للناس في الطرقات، فإذا أضفنا الزي الإماراتي الذي يرتديه هؤلاء نساء ورجالا علمنا مقدار الإساءة التي يتسببون لنا فيها دون أن ننتبه ! مطلوب برامج تلفزيونية قصيرة على شكل مشاهد وإعلانات عن هذه الحالات لكشف مدى كذب هؤلاء واحتيالهم، مطلوب الإعلان عن أرقام هاتفية معينة توزع على الجمهور للتبليغ عن هذه الحالات، مطلوب توجيه الجمهور لأساليب عملية لمساعدة مدعي الحاجة وذلك بتوجيههم للجمعيات الخيرية التي بإمكان موظفيها التأكد من مدى صدق أو كذب الادعاءات· الجهات الأمنية تقوم بما عليها خير قيام، لكن الجمهور يتوجب عليه القيام بدور فاعل في مكافحة هذه الظاهرة السيئة التي عادة ما تخفي رواءها مخالفات قانونية لقانون الهجرة والإقامة وهنا مكمن الخطر·