أبشع ما رأيت، وأفظع ما سمعت، أن تزهق روح طفل في عمر الزهور، على يدي سفاح بعد اعتداء أثيم وسافر، وساخر من قيم الإنسان، وحرمة النفس والجسد.. مقتل الطفل الباكستاني أمر مفزع، ومجزع، يشق القلب إلى نصفين، ويفري الروح إلى جزءين، ويكسو الحياة بلون السواد المعتم.. عندما تتوحش النفس البشرية، تصبح كائناً ضارياً، يغرز مخالبه الشرسة بغطرسة وتعجرف، ويمارس هواية الفتك والهتك، بلا هوادة ولا رحمة، ولا احترام لأرواح الأبرياء. عندما يتحول الإنسان إلى كائن كاسر، فإنه لا يفرق ما بين الخير والشر، ولا يفرق ما بين الفضيلة والرذيلة، ولا ينصف أحداً، بل يسف ويخسف وينسف، ويكسف، ويحول الفرح الطفولي إلى مأساة وكارثة كونية، تحيق بالنفوس، وتعوق المسيرة الحضارية التي يدعيها الإنسان، ويصدح ويصرح بها في كل زمان ومكان، عندما يفقد الإنسان ضميره، يصبح جحيماً، أليماً، أثيماً، فيسفك الدماء، ويحيل الأحياء إلى أشلاء، تتعثر بها الأقدام، في الدروب الوعرة وتتكسـر أمامها القلوب، وتشتد الخطوب، ولا حل طالما تعمّد هذا الإنسان تشويه الصورة الجميلة للإنسانية، وتسويف الحياة، وتخويف الأحياء، وتحريف المبادئ لتصبح صحراء قاحلة، ناحلة، راحلة إلى زوال. عندما تموت الشيم، وتهوي القيم إلى قاع صفصف، وتنتهي الأخلاق البشرية إلى غابة تعيث فيها الضواري، وتفسد مشاهدها الرائعة أمراض وأغراض تبيد الشرف الرفيع والأعراض.. عندما يحوِّل المنحرفون والمزيفون، والمنجرفون في مهاوي الشهوات، أماكن العبادة لتنفيذ أفعال شريرة، فإن القضية تصبح معضلة، والحياة تعتبر مهزلة، والمسألة تحتاج إلى تدخل سريع لكبح جماح أي فعل مريع. عندما يخرج الإنسان عن رواقه الإنساني، ويقف على قارعة الطريق متربصاً متلصصاً، ليذهق أرواحاً بريئة، فإن وجهة النظر الحقيقية هي أن يتم قطع دابر مثل هذه الأعمال والأفعال، بقوانين لا تقبل القسمة إلى نصفين، ولا تحتمل الوجهين.. مقتل الطفل الباكستاني على يد سفاح، يحتاج منا وقفة صارمة، حاسمة، جازمة، تقشع الغيوم، وتزيح الهموم، وتزيل الغموم، لأجل صالح الناس والمجتمع، ولأجل تنظيف البلاد من الأيادي الملوثة، والنفوس العابثة، وتحقيق المعنى الحقيقي لحضارة الإنسان ورقيه، والمحافظة عليه من أي خطر داهم وجاهم، وغاشم.