ذكرت بالأمس أنني من أنصار الانسحاب من بطولة العالم للزوارق السريعة بشكل نهائي لثلاثة أسباب هي باختصار شديد تكمن أولاً: في مخاطرها المؤكدة، والتي أودت بحياة ثلاثة متسابقين من فريق الفيكتوري من بينهم اثنان من أبناء الإمارات، هما محمد ماجد الروم منذ ثلاثة أيام وحمد بوهليبة من عام 95، والثالث هو الفرنسي جون مارك الذي يعمل بمؤسسة الفيكتوري من 18 سنة.. والمخاطر في هذا النوع من الرياضة شيء مغروس فيها نظراً لأنها تقام في أعالي البحار بسرعات هائلة وسط كثبان لا تهدأ من الأمواج. وكما ذكرت بالأمس أن نجوم الرعيل الأول للفيكتوري واجهوا الموت، ومنهم من نجا بأعجوبة بفضل عناية الله وحده وليس رجال الإنقاذ وسعيد الطاير تحديداً كان نموذجاً لذلك فلم يكن أحد يصدق بعد أن طار زورقه في الهواء عدة دورات ثم تهشم واحترق بالكامل، ولم يكن أحد يصدق أن تكتب له الحياة من جديد. أما السبب الثاني الذي يدعوني للاكتفاء من هذه الرياضة فيكمن في أننا شبعنا من ألقابها ومن بطولاتها في أيام مجدها وحاز نجوم الإمارات ألقاباً عالمية كثيرة كان أهمها على الإطلاق لقب أمراء البحار الذي أطلقته عليهم الصحافة الفرنسية في مدينة سان تروبي الشهيرة..أما ثالث الأسباب فهو أن البطولة انكمشت إلى حد كبير عالمياً، ولم تعد جاذبة نظراً لتكلفتها العالية.. وبنظرة واحدة لعدد الزوارق والدول المشاركة تكتشف أن الفيكتوري لم يعد ينافس إلا نفسه! وبالمناسبة فكرة الاكتفاء بما قدمه الفريق الإماراتي من تاريخ في هذه البطولة ليست وليدة اللحظة المؤلمة التي نعيشها الآن.. والتي قد توحي للبعض بأننا ننظر للأمر بمنظور عاطفي .. فهذه الفكرة راودت المسؤولين أكثر من مرة.. وأتذكر أن خلفان حارب المدير التنفيذي لمؤسسة الفيكتوري فكر بصوت عال أكثر من مرة مع الوفد الصحفي المرافق للفريق في هذا الأمر.. ليس من منطلق الحوادث المأساوية التي تسيطر على بطولة العالم فحسب.. بل من منطلق أن الفيكتوري بنى مجداً في هذه الرياضة وصنع اسماً تجارياً مرموقا تجعله قادراً على تحويل نشاطه في بطولة جديدة وتحد جديد.. وبرزت في تلك الفترة التي انقضى عليها سنين.. فكرة التحول لسباقات الفورمولا البحرية باعتبارها أكثر شهرة وأكثر جذباً من الناحية الجماهيرية حول العالم.. وهو الأمر الذي ينسجم أكثر مع استراتيجية الترويج للإمارات وهو الهدف الأكبر الذي وجد من أجله الفيكتوري تيم. آخر الكلام عموما ما تقدم ليس إلا وجهة نظر .. ولا أحد بالطبع يريد اختفاء اسم الفيكتوري تيم فقد أصبح مؤسسة كبيرة تقوم بصناعة الزوارق ليس فقط لمتسابقي الإمارات بل للآخرين من الخارج.. ويكفي أن زورق روح النرويج الذي كان المنافس الأكبر للفيكتوري كان صناعة إماراتية، ما نريده هو الدخول في تحديات أخرى ومسابقات أخرى أكثر أمنا وأكثر فائدة .. فنحن نرى في الدورات الأولمبية عشرات المنافسات البحرية التي تجلب المجد لأصحابها وتصنع تاريخاً ودعاية للدول تفوق سباقات الموت في أعالي البحار!!