ضُربت دمشق مجددا وخلال فترة قصيرة، ما يعني أن الإرهاب صار مختبئا تحت جلدنا جميعا، فبالرغم من أن سوريا كانت تباهي بقدرتها على الاحتياط والحذر، وأنها في منأى ومأمن إلا أن تفجير مفرق السيدة زينب قد أسقط أسطورة الأمان هذه وخلخل نظريات الحياد السوري عن مجريات الإرهاب العاصفة في كل المنطقة، الكل في قلب العاصفة والكل مطالب باختراع وسائل أخرى في مكافحة فكر الإرهاب قبل قنابله ومتفجراته !! الإرهاب فكر ومدارس ورموز ونظريات ومواقع الكترونية، وعصابات تسافر وتتنقل كالهواء بين الجهات الأربع للكرة الأرضية، وهناك دوما من يتستر ومن يعاون ومن ينخدع، تحت مسميات مقاتلة الأميركان، وجهاد الكفار وتخليص بلاد الإسلام والمسلمين من أيادي أعداء الدين، حتى غرقت بلاد الإسلام بكل أنواع التطرف والجماعات الإجرامية التي لا عمل لها إلا التحضير للقتل وتنفيذ الاغتيالات، وبعد أن كنا موعودين بالتنمية والصناعة والتطور في كل العالم العربي، صارت الصناعة الوحيدة المزدهرة هي صناعة الموت المختبئ لكل مواطن عربي على الأرصفة التعيسة أو الطرقات الضيقة !! ألا يسأل هؤلاء المخدوعون أنفسهم: لماذا يجعل المتطرفون والإرهابيون والمدافعون عن الدين أشلاء الأبرياء ساحتهم المثلى للجهاد؟ لماذا لايحارب تنظيم القاعدة الأميركان إلا في أسواق العراق المليئة بالبسطاء من النساء والأطفال والرجال؟ لماذا توضع المتفجرات في الطرقات التي لا يعبرها سوى الفقراء والأبرياء ومن ليس لهم علاقة بالأميركان؟ لماذا وبعد سنوات من جهاد القتل والاغتيالات والسيارات المفخخة، لم يرحل الأميركان من بلادنا العربية ولم تنصلح الأحوال ولم يستتب الأمن؟ لماذا تتسع رقعة الأعمال الإرهابية يوما إثر يوم وكأنها كرة ثلج تتدحرج باتجاهنا قادمة من المجهول؟ دمشق دخلت دوامة العنف بشكل واضح، وبغض النظر عن التحليلات الكثيرة التي أعطيت حول أسباب التفجير الأخير فإن التأزم السياسي في المنطقة سيدفع الاحداث لمزيد من التعقيد ومزيد من التفجيرات، والى المزيد من الخوف وإحكام القبضة البوليسية والتضييق على مكتسبات جيدة في مجال الحريات، كما إنه سيساهم يوما بعد آخر في الإسراع بتنفيذ مخطط التقسيم وإشعال الفتن بين الأنظمة والشعوب العربية، بعد أن تفاقمت فتن العراق ولبنان ومصر والجزائر وسوريا والسودان و····· ! كنا قديما إذا حدث اغتيال لشخصية مرموقة علمية أو سياسية سارعت جميع النخب العربية لاتهام الموساد الاسرائيلي بالجريمة لأنه صاحب المصلحة الأولى، اليوم لا أحد يفكر في الموساد ولا غير الموساد الاسرائيلي، لقد اخترعنا لنا رعبا آخر اسمه الإرهاب لا ندري ماهو على وجه الدقة، ولا أين يقيم ولا كيف يضرب أمننا في الصميم، وللأسف أن نجد من يدافع عنه باعتباره جهادا ضد أعداء الأمة ! صرنا في زمن الرداءة هذا لا نميز بين الأعداء واختلط مفهوم القتل بمفهوم الجهاد وهنا مكمن الكارثة ! قلبنا مع دمشق فهي عاصمة عربية عزيزة علينا ونعلم تشابكات الحدث السياسي فيها وحولها ونعلم التجاذبات القاتلة التي تجعلها وتجعل كل العواصم العربية الساخنة في قلب العاصفة، مطلوب إدارة ذكية لكل الملفات الشائكة والمعلقة حتى لا تمتد دائرة النار أكثر !! ayya-222@hotmail.com