أُصاب بالاشمئزاز والغثيان عندما أشاهد اللون الأحمر، يُسفك هدراً وغدراً، وأشعر بالخزي من إنسانية فقدت معاني الحياة وأصبح القتل وسيلة للتعبير عن الحقد والكراهية وطريقاً للتلبس برداء الدين. ما تعانيه اليوم باكستان، البلد العريق من ويلات ومصائب الإرهاب أمر مستفز، وهو مشهد من مشاهد العدمية والعبثية التي تمارس على أيدي فئات ظنت أنها تستطيع أن تغير من دورة الكواكب وحركة النجوم ونشاط الكرة الأرضية بإشاعة الفوضى وفرض منطق العشوائية على مجتمع مسلم في الأساس ولا يحتاج إلى أوصياء ولا إلى من يمنح شعبه صكوك الغفران، ولا من يفتح أبواب الجنة بسيول من الدماء البريئة المراقة بمشاعر باردة وضمائر ميتة، وقيم تخلت عن مضمونها ومبادئ حيدت المنطق، وأعلنت الحماقة والصفاقة راية من رايات الهدم والتدمير وهتك الأعراض وإزهاق الأرواح وسفك الدماء وتحويل البلاد والعباد إلى حال الضعف والهوان، والله المستعان. ما تشهده باكستان اليوم يطرح أسئلة تظل مفتوحة على مصاريعها، وأول هذه الأسئلة: من المستفيد من إضعاف القدرة البشرية والاقتصادية لهذا البلد؟ باكستان بلد إسلامي كبير، وهو البلد الإسلامي الأكبر بعد إندونيسيا، عندما يطيح الإرهاب البغيض بمقدرات بلد كهذا فإنه ما من شك في أن الهدف ليس إسلامياً مهما استخدمت الذرائع والحجج، وان الغرض لابد وأن يكمن تحته كتل من جحيم الانتماءات التي لا تلتصق إلا بمصالح فئوية وجهوية وطائفية ورؤية عقائدية ضيقة، بل أضيق من ثقب إبرة. عندما يصبح المقاتل مقاتلاً ضد نفسه وضد أهله وضد وطنه، فإنه لابد وأن يكون قد تخلى عن أهم بديهيات ومسلمات المبادئ الإنسانية الرامية إلى دعوة الإنسان الفرد الى تعمير الأرض كونها الأمانة التي أنيطت به كمسؤولية والتزام أخلاقيين، ومتى ما تخلى الإنسان عن مسؤوليته يصبح شراً مستطيراً، لابد من تطهير الأرض منه ومن شروره، ولابد من بتر هذا العضو الموبوء حتى لا يصبح وباءً متفشياً. ما يحصل في باكستان حصل في بلاد كثيرة، ومن الممكن أن تصيب العدوى سائر بلاد العالم، ولا تشف من هذا الداء إلا الأوطان التي حصنت نفسها بالثقة والأمان والاتزان والاطمئنان، والقدرة الفائقة على التعامل مع مثل هذه الأحداث الدامية. ما أكده مسؤول في وزارة الداخلية في الإمارات عن استعداد الدولة لمواجهة جميع أنواع الإرهاب من خلال تدريب الكوادر البشرية المتمكنة لأمر يثلج الصدر.. حمى الله بلادنا وبلاد المسلمين